وتسألني في القطارِ الّذي يقطعُ الليلَ
سيدةٌ قابَلَتْنِي
: أليسَ لك اسمٌ؟
فيذهبُ بي صوتُهَا في السّؤالِ
فهلْ كلَّمَتْنِي؟!
وهل كانتِ الأرضُ تُطوى
أَمِ الرّيحُ صَوْبَ نهاياتِهَا صَوَّبَتْنِي؟!
أقولُ: ولا شَغَفٌ بالطّريقِ،
ولا قلتُ إنَّ السّما أعجبتني
أأَزْعَجَكَ العابرونَ؟
: نعمْ
والعصافيرُ في عُشِّهَا أزعجتني
ولا شيءَ ممّا أرى
يلمسُ الرّوحَ
لا صَخَبُ البحرِ فوقَ الشّطوطِ،
ولا صورةُ القمرِ المستكينْ
سأنفضُ كفّيَّ من كلِّ شيءٍ
وأغسلُ قلبي من الآخرينْ
دَمِي
لشحوبِ المصابيحِ في الشّارعِ الجانبيِّ
دمي للغروبِ الحزينْ
دمي للندى في خيالِ الحديقةِ
أمّا الحنينْ!
فللنارِ تأكلُهُ،
أو لأربابهِ العاشقينْ
وأمّا الطّريقُ.. فللضائعينْ
وأمّا أنا
فأنا في مواجهةِ الكلِّ وحدي!
أنا ضدُّ كلِّ السّلالاتِ،
ضدُّ خطى البشريةِ قبلي،
وبعدي،
وضدّي،
وضدُّ ملامحِ وجهي،
ورائحتي،
وكلامي…
وليسَ أمامي سوى ما يُعكِّرُ صَفْوِي،
وما يحجبُ الشّمسَ عنّي
فماذا تريدونَ مني؟!
لَكُمْ أتركُ الأرضَ مائدةً للسكارى
ووحشًا تروِّضُهُ آلةُ الحربِ والتّكنولوجيا
وأتركُ لونَ الفراشاتِ للكاميرات
وأتركُ ليلَ المدينةِ للغرباءْ
سأعملُ في آخرِ الرّملِ
حارسَ أزمنةٍ من زجاجٍ
وأختارُ من حكمةِ الظلِّ
أن أتقمَّصَ دورَ الصّدى
في كهوفِ النّداءْ
سأعملُ في أزرقِ البحرِ
أحملُ لونَ السّماءْ
وأقرأُ سيرتَهَا في البكاءْ
كأنّي تعبتُ من الأرضِ،
واستبقتني خطايَ إلى آخرِ الطّرقاتِ،
فماذا على جسدي غيرُ أن يتناثرَ كالثّلجِ
تحتَ عيونِ النّوافذِ،
أو يتكوَّرَ في حِجْرِ سيدةٍ،
أو يسيلَ دما؟!
ستصطادُنِي نجمةٌ
في سكونِ القرى،
نجمةٌ لا تُرى
في الطّريقِ إلى البيتِ
تصطادُني ربّما… بقلم حسن عامر
Discussion about this post