بقلم … محب خيري الجمال
على بابِ حديقةٍ مجهولةٍ
——————————–
على بابِ حديقةٍ مجهولةٍ
تركتُ أصابعي في عنقِ شجرةٍ
بَتَرَها البكاءُ
وأنتِ تتناولينَ قصيدةَ حبٍّ بائسةٍ
تركها “بابلو نيرودا” قبلَ رحيلِهِ بدقائقَ
صوتُكِ الّذي يتوغَّلُ في عشبِ البردِ
يحترقُ تحتَ وسادةِ الرّيحِ
تنتظرينَ مَنْ يُشعلُ لكِ الطّريقَ بالعشقِ الغائبِ
ويقولُ إنَّهُ يُحبُّكِ
أنا رجلٌ مُتآكِلٌ يا حبيبتي
لا وجهَ لي،،
اعتمدتُ على الكذبِ
لا شيءَ يميلُ إلى رقصاتي الرّماديةِ
دمائي أوّلُ درسٍ في مناهجِ عينيكِ
لونُهُ أوّلُ درسٍ في التّاريخِ
تخيَّلي.. رأيتُهُ في “كسروانَ”
كسرةُ خبزٍ عالقةٍ في ملاءاتِ الغيمِ
تبتهجُ باسمِ الرّبِّ
يسيلُ على كتفي نعناعٌ بريٌّ في “دير ياسينَ”
ينزفُ برملِ الزّيتونِ المُعتَّقِ في جِرارِ صعيدِ مصرَ
يختبئُ في مغارةِ حنجرةٍ مُصابةٍ بنتوءِ الحربِ
في الحدِّ الفاصلِ لنهدي امرأةٍ من عشيرةِ الأرمنِ
قابلتُهُ كنطفةٍ لسلالةٍ مُنقرضةٍ في جزيرةِ العربِ
تخيَّلي.. أحببتُ “دمشقَ” و”بيتَ لحمٍ” و”بيروتَ”
تُطاردني عواصمُ القمحِ وحليبُ الجفاءِ
وحشرجةُ الماءِ في “بغدادَ”
جسدي بنارِ الحصى البارزِ كبُرَ وصارَ هيكلًا لعجينِ الشّمسِ
ينطُّ حبلُهُ السُّرِّيُّ ويقولُ لأمِّهِ الميتةِ أطعميني طينَ الشّقاءِ
الوردةُ كلّما مرَّتْ على سنابلِكِ تبكي
السّاقُ الحافيةُ في الحقلِ وترٌ على وترٍ
تعزفُ أناشيدَ البقاءِ في مقابرِ “أخميمَ”
تزورُ أصدقاءَ الرمانِ في بيوتِ “حلبجةَ”
تخيَّلي.. أحببتُكِ امرأةً “كرديةً”
أدخلتُكِ في نقشٍ فرعونيٍّ ورديِّ النسماتِ
لوَّنتُ أظافرَكِ بضحكةِ الشامِ
غسلتُ كلامَكِ في نهرِ النيلِ ونشرتُهُ في رئةِ الحروفِ
أزلتُ شوائبَ البحرِ وقلتُ للأطفالِ المذبوحينَ في “سرتَ”
النخلةُ تحملُني للريحِ والريحُ لرحمِ التكوينِ
والتكوينُ لجنوبِ ضلوعي
وضلوعي لامرأةِ الفراديسِ الأولى
تخيَّلي أودُّ قطعَ أنفِ “واشنطنَ”
لأثأرَ لأبي الهولِ وقميصي الصّحراويِّ
تخيَّلي يومًا ما..
حملتُ ما بداخلي من غاباتٍ وكراكيبَ وقطاراتٍ
ودُمىً ولُعَبٍ صغيرةٍ وصورٍ قديمةٍ
لرجلٍ يسحبُ رأسي من ظلِّ دبّابةٍ
تركضُ نحو غرفتِكِ
أنا أعرفُ غرفتَكِ تمامًا
هي لوحةٌ من رمالٍ تتعلّقُ بذيلِ غيمةٍ
تنهَرُ أحلامًا غيرَ مُكتملةٍ..
ثمّة قهرٌ يندلقُ من دماءِ الخبزِ
الّذي شَوَيْناهُ على مائدةِ الوطنِ المفقودِ
ونحنُ في انتظارِ قنَّاصٍ مُحترفٍ “فاسيلي زايتسيفَ”
يركلُ رأسَ الفراغِ الّذي أنجبنا
ونحنُ نبتلعُ صمتَ العويلِ الجامحِ
ونربطُ في أيدينا انكماشَ الشّوارعِ
وتفسيرَ القُبحِ الّذي أيقظَ الماءَ
حتّى نرحلَ لموتٍ مُتآمرٍ…
نُراقبُ السّاعاتِ في محافلِ الأممِ
تخيَّلي.. أنَّكِ تنتظرينَ رجلًا يُحبُّكِ بهذا العنفِ
يرسمُ لكِ وردةً على حافةِ شفتيكِ
يُقبِّلُكِ قبلةً مُجرِمةً ويذهبُ للحربِ
ويعودُ من غيرِ أصابعَ تُخربشُ ظهرَكِ وأنتِ تضحكينَ بصوتٍ عالٍ
وتقولينَ: أُحبُّكَ أيّها الجنديُّ المُتهوّرُ المجنونُ
لكنَّكِ لا تعلمينَ
أنِّي رجلٌ قبيحٌ
سبقتْهُ ساقُهُ إلى طُرقٍ داكنةٍ
كي تُعدَّ لهُ موتًا يُناسبُ ما أدَّخرَهُ من أحلامٍ
أحلامٌ تنضجُ بقوةٍ
تنحتُ لنا وجهًا جديدًا
ولغةً سوفَ نتعلَّمُها ونحنُ نُقشِّرُ ابتساماتٍ جديدةً أيضًا
أمامَ كاميراتِ الدّولِ الصّديقةِ
تخيَّلي…
أنا ليستْ لي قدرةٌ على التّخيُّلِ.
————————————————–
تتغيّر الأماكن والأزمنة والأسماء والصّفات
وهو هو
بقلم … محب خيري الجمال
Discussion about this post