بقلم … نور الدين كويحيا
من قبرٍ إلى مِئذنة …
.
.
وحين أموتُ،
سيصبح القَبرُ، قبري؛
مِئذنةً…
ستزفُّ لكم خبر عِظامي
كلَّ صباحٍ…
كلَّ ظهيرةٍ…
وكلَّ مساءْ…
ستخبركم عن الخواءِ الّذي احتَّلها.
عن كلِّ الذِّكريات التي أصبحت تُراباً؛ محضُ تراب.
عن الآلامِ الّتي لم تُخلَّد في النِّهاية كما ظننتها ستكون
بل كلُّها صارت قوتاً للحشرات، تماماً كَلحمي
— والعجيبُ أنّها تحبُّ طعمه، رغم كدماته المُتعفّنة!—
ستخبركم عن عينَيَّ
فقبل أن تجفَّ فيهما الحياة
كانتا لا تزالانِ تنتظرانِ بذات الصَّبر.. المُوجعِ
أحداً يقفُ على عتبةِ القبرْ ويبكي بِحسرةٍ؛
دموع الحَنين.
ستخبركم…
أنني سلَّمت مفاتيح الأملِ الّتي أكلها الصَّدأ
للطُّرقاتِ ذاتِها الّتي لطالما مدَّت أمام جسدي جُدراناً
تتجاوزُ قاماتُها السَّماء.
ستخبركم…
أنّني لم أكُن صالحاً جدّاً
لكنّني أيضاً لم أكُن خطَّاءً جدّاً.
كنت شخصاً بسيطاً
أحبَّ الشَّجر…
ونُضرة الطَّبيعة
تغريدة عصفورٍ،
ووردةً لا تدهسُها الأقدام.
ستخبركم…
أنّني مهما قلتُ أحبُّ الوحدةَ
فكان ذلك كلّه مجرّد هُراء
فلطالما مقتُّها
وكرَهتُ رائحتها الّتي تسيل من كلِّ مساماتِ الأرض،
نحوي!
وأخاف… أكثر ما أخاف فيها؛ وحشتها،
ودروبها الوعرة.
إذ كلّما سقطت لا يد موجودةٌ تُمدُّ لتسحبني
ولا نظرةَ حبٍ ترتّب داخلَ روحي فوضاها.
ستخبركم…
أنّني،
لم أكن شاعراً
بل مجرّد طفلٍ يحبّ ترديد الكلمات.
ومهما تعثَّرت داخل فمهِ
لا ينفك يتلذَّذ بطعمها الّذي لا يتلاشى
بل يبقى في الفم
وفي القلب، سرمداً.
لكن،
حين تهمُّ بإخباركم
عن كلِّ النُّصوص الّتي أحرقتها
اهدموها— رجاءً.
بقلم … نور الدين كويحيا
المغرب..
Discussion about this post