بقلم … حسن بعيتي
آخر ما غنّى النوّاب …
أنا في الماءِ صورةٌ تتكَسـَّـرْ
ربما أصفو .. ربما أتكَدَّرْ
الجميلات ‘ مرّةً قلن عنّي خيط نايٍ
ومرّةً قلنَ خِنجر
والصّداقات رحلةٌ نلتُ منها كأسَ حقٍّ
ورحلةٌ كأسَ مُنكَرْ
والأناشيدُ مَرَّةً كنتُ أعلو
كَـنَــبِيٍّ
ومَـــرَّةً أتَعَــــــثــَّــرْ
كنتُ ما شِئتُ وابتكرتُ صِفاتي ؟
أم هو الغَيبُ
شاءَ أمراً .. وقَــدَّرْ
قد تغيَّرتُ صارَ وجهي سِواهُ
وأرى أنَّ كلَّ شيءٍ تَغَــيَّرْ
لا أبالي إذا خسرتُ يقيني
نَابِهُ الشكّ يعرفُ اللهَ أكثرْ
مرَّ عمري لم أدّخر منهُ شيئاً
غيرَ زِقٍّ من الغِناء المُخَمَّرْ
أذكر الآن في العراق صغيراً
ذلك الطّفل عابثاً ليس يكبَرْ
حزنُهُ يشبِه العراقَ قديمٌ
وجهُهُ يشبِه الحكايات أسمَر
أذكر الآن كيف لمَّ شَتاتي
صوتُ أمّي مُنادياً يا مُظفَّرْ
تُظهِرُ الصّبر وهيَ ترصُدُ نجمي
ثم تشتاقُني فلا تتصبَّر
نهرُ بغداد كان يُشبه روحي
شاردَ البال في المدى يتفكَّرْ
أذكرُ الغيد
هنّ يرفَعنَ سُوْراً
وأنا مثلَ قطةٍ أتسَوَّرْ
كم تسكّعتُ في خيال الصّبايا
كم تشيطنتُ لم أعد أتذكَّر
كم تهوّرتُ بعد عشرين كأساً
بعد عشرين كيف لا أتهوّرْ
أذكر الشّام قال عنها خيالي
حسنُها .. إنَّ وصفَه يتعذّرْ
مرَّ كالغيمةِ اسْمُها في الأغاني
أيقظَ العشبَ في خيالي ونَضَّرْ
ليلُ بيروت شاعرٌ راح يصغي
لغنائي وقال لي أنتَ أشعَرْ
قلت يا ليلُ أنتَ شكّلتَ قلبي
حين علّمتَ حزنَه كيفَ يسهرْ
أذكرُ الأرضَ عشتُ فيها غريباً
ها أنا من غبارها أتحرّرْ
لا يخاف الملوكُ سيفي ولكن
صوتُ شبّابتي من السّيف أخطَرْ
عاصفٌ في قصائدي مثلُ ريحٍ
ناعمٌ في الهوى كحبّة سكّرْ
أذكرُ اللهَ إذ أثرثِرُ عنه
عندما كان صمتُه لا يُفَسَّرْ
ها أنا الآن في حديث النَّدامى
يرفع الشّعرُ كأسَه حِين أُذكَرْ
يشربُ السّاهرون نخبَ غيابي
وأنا طيفُ نجمةٍ تتحدّرْ
أنا في حانةِ الغياب وحيدٌ
ينظرُ اللهُ باسِماً حين أسكَرْ
ثِقتي لم تخِبْ لقد كان ربّي
رحمةً فوقَ
فوقَ ما أتصوَّرْ
بقلم … حسن بعيتي سورية
Discussion about this post