بقلم/ ميشيل سعادة
هُوَذَا الحقلُ والجبَلُ أمامي
في قريةٍ نائِيةٍ
عينايَ ترتاحُ للأرضِ أمًّـا
للعُشبِ لباسًا أخضرَ
عينايَ للتُّرابِ
للهواءِ
للنَّسيمِ .. للشَّمسِ
للغُيُومِ قطعانِ الفضاء
لا يكفي أن أتخيَّلَ
كيف تتموَّجُ الأشياءُ في مُخيَّلتِي
كيف للهواءِ يَرسُمُ أشكالًا ودوائِرَ
على رؤُوسِ الشَّجَرِ
وكيف للجبلِ يجلِسُ على كرسِيِّهِ
عاليًا صامدًا يَستَقبِلُ زوَّارَهُ
من كلِّ حَدبٍ وصَوبٍ ..
يا امرأة _
لطالَما حلُمتُ أن أكونَ جبلًا
تنأى عنهُ العواصفُ والأنواءْ
لطالما حلَمتُ أن يتحوَّلَ جسدي
طبيعةً ثانيةً كالطّبيعةِ
تلتصِقُ بجسدِكِ الطَّاهرِ
أتوسَّلُ زهرًا وصخرًا
يُعانقانِ فضاءَكِ والمدى
زهرًا يُعطِّرُ الأرجاءْ
صَخرًا يمنحُكِ مناعةَ العطاءْ ..
يا امرأة _
للورقةِ الّتي أمامي
وللقلمِ الّذي يمتَصُّ حَيرتي وانهمامي
أقول _
إنَّكِ وحيُ كتاباتي
إنكِ الحُبُّ كُلُّ الحُبِّ
وغيُومٌ ما تلبثُ أن تَنجَلي عن ضِياءْ
ليتَ لي أن أُلبسَكِ كما الطّبيعة
ثوبًا شفَّافًا دون عُرًى وأزرارْ
وأن أُفكِّكَ مواكبَ النُّجوم الّتي
توَّجت رأسَكِ ذاتَ مساءْ
ليت لي أن أُقلِّبَ دفترَكِ
ورقةً ورقهْ
أرسمُ خواطري في مُخيَّلَتِكِ المُسافرَهْ
بين الطّفولةِ ومهرجانِ الأحلام ..
دائِمًا أسألُني _
ما قيمةُ الكتابَـةِ ؟
ما جَدوَاهَـا إن لم تلامسْ شَفتَيكِ
وتُدَغدِغْ نَهدَيكِ اللذين
يرسمان مواكبَ النُّورِ
في ليلةٍ شِئناها تطولُ
تَطُـــولْ ؟
ما جدوى الكتابة
إن لم تتحوَّلْ إيقاعاتٍ على شالٍ
زَنَّر العُنُقَ منكِ
والتّراائبَ المصقولة كالمرآةِ
بِقُبلٍ تُغري القَمَـرْ ؟
ما جدوى الكتابةِ
إن لم تَزُرْ أماكنَكِ الخفيَّهْ
وَتشكُ همومَها إلى الشَّهوةِ المقدسةِِ
وإن هي على إرهاقٍ وارتباكِ ؟
ما جدواها
إن لم تكن همسًا في أُذُنَيك
وانبساطًا على وجنَتَيكِ
ورَقصًا على جسدِكِ الّذي
له سجدَ جَميعُ العُشَّاقِ ؟
يا امرأة _
زرتُ جَسَدَكِ مرارًا
أَقَمتُ في رُبُوعِهِ هَيفَانَ
رأيت إليه حديقةَ أزهارٍ
تمتصُّ شَهوةَ الشَّمسِ
تَتَنَفَّسُ نَسَائمَ إبطَيكِ
زَرَعتُ قُبَلي قُبلةً قُبلةً
كٰطِفلٍ أهوجَ ما هاب اعتلاءَ الرُّبَى
صاعدًا هابطًا على المُنحَدَرَاتِ
عَيناهُ مُسمَّرتَـانٍ
هنَـا .. هنَـاك
وَهُنَـا على امتدادِ الآفٰــاقِ
مأخوذَتانِ بلهفَةِ مُشتَـاقِ
لن أنسى كيف استقبلنا الليلُ
على سريرٍ ضَاقَ بِنَـا
نَسَينَـاهُ
يبتكرُ مُعجزاتٍ ونبُوءاتٍ
قلتِ مَهلًا
أيُّهَـا العاشقُُ _
هذا السَّقفُ
وهذي الجدرانُ تتلصَّصُ علينا
سابحَينِ في النَّارِ
في نَهر الرَّمادِ
نكتبُ قصائدَ حُبِّنَـا على جَناحِ الليلِ
مِنَ القدمَينِ حتَّى الرأسِ
مُبلَّلَينِ بلُعابِ الشَّهوةِ الشَهَّاءِ
أبجديَّتُنا في الحُبِّ
حروفٌ أتقَنتِ الرَّقصَ
على مَسرَحِ الجُماعِ
إثنينِ قبلَ اللِّـقاءِ كنَّـا
واحدًا بعدَهُ صِرنَـا
كما المَعنَى مُفرَدٌ
في صيغةِ جمعِ الحُرُوفِ
يا امرأة
أذكر سألتِني _
وقد صَحَا الطَّقسُ
في أيِّ مكانٍ نحنُ ؟
في أيةٍ غرفةٍ غَرَفنَـا الماءَ
أفوقَ الجمرِ أم في الشَّرَرِ ؟
قُلتُ _
مَفاتِيحُ القصيدةِ أنتِ
بوَّابةُ الكون كالصَّوتِ
وأنتِ قِفلُ الرَّغبةِ الحمراءِ
أنا نُقطَةُ الحِبرِ
وَالشِّعرُ بعضُ اشتعالِنَـا
في مَوَاقِدِ الجَمرِ ..
ميشال سعادة
السبت 7/12/2024
مع الفنانة التشكيلية القديرة والموهوبة
وبعضٍ من أعمالها الفنية الإبداعية
Samia Khoury
Discussion about this post