بقلم د.بوخالفة كريم – الجزائر
السّياسيّ له هدف والشّعب له ظرف !
تحصل الكوارث عندما تفكّر السّلطة السّياسيّة بعقلية ومزاج الشّارع. كلّ هزائمنا وحروبنا ومغامراتنا هي فورات وردود افعال لمزاج منفعل.
للشارع عقل شعبوي، تحرّكه العواطف والشّعارات والأناشيد الوطنيّة وفورات الغضب وردود الافعال. قصير النّظر لا يفكّر طويلاً في العواقب. ينفعل يتشاجر يرتكب الحماقات، ثم يهدأ. ومع هذا تبقى الأضرار محدودة قابله للاصلاح والتّعويض.
أمّا العقل السّياسيّ فشيء آخر، تهمّه النّتائج، والموضوع بالنّسبة له ليس صراعًا بين حقِّ وباطل، بل مشروعًا وأهدافًا وخططًت عليه تحقيقها في مجتمع دوليّ تهمّه التّحالفات والمصالح. ويدرك مسبقاً أنّ أخطاءه مكلفة وتاريخيّة وإصلاحها ليس ببسيط.
تعاني السّلطة السّياسيّة في مجتمعاتنا العربيّة من مشكلة مزدوجة: غياب الشّرعية، وعدم قدرتها على إدارة مشروع وطنيّ نهضويّ. فقد استلمت القيادة أمّا بانقلاب أو تزوير انتخابات، أو حركات دينيّة ميليشياويّة محتكرة للقرار السّياسي، وشخصياتها في الغالب شخصيات مغامرة لم يتوفر لها التّعليم والخبرة والنّضوج لإدارة دولة. وللتخلص من هذه الورطة تقوم هذه السّلطة بانتاج مشروع بديل، وهل هناك مشروع بديل جاهز وقادر على الاستيلاء على عواطف العرب العرقيّة والدينيّة أكثر من فلسطين؟
باختيارها لهذا المشروع ستربح السّلطة الشّارع، وستتوفّر المبررات لقمع المعارضين، ويمكن تأجيل المشروع النّهضوي الى وقت غير معلوم..
مشكلتنا ليست في السّلطة فقط، بل أيضاً في الأجيال الّتي تخرّجت من مدارس السّلطة، أجيال اختزلت كل تاريخ بلدانها ومشاكلها المحليّة الملحّة بمشروع بديل، (وعلى نبل هذا المشروع) فهو متاهة ضاعت فيها ثلاثة أجيال ولا نعرف كم سيضيع فيها مستقبلاً.
Discussion about this post