في معتقل بني الظُّلام
تكلمت الأحرف وبكت الأقلام
أبوح لمن يا إخوتي وأنا
أسير يلبس الصمت كلام
فأنا في ظلمة أحيا أعاني
أشكو شقاء وقهر الأيام
أصارع شبابيك السكون
ألتمس من صداها الأنغام
ساعات سجني الممل الطويل
عزفت ذات يوم لحنا للأوهام
أتبعثر في غبار الغموض
أتسلل هروبا من الأحكام
أسال من سجّاني في وطني
يقول استلهم قبل ضياع الإلهام
يخدشني الهلع ليلا تؤنسني
الكوابيس في جميل الأحلام
تتجاهلني وسادتي ترفضني
ما احتوتني للنوم بهدوء وسلام
ويعود سجّاني ساخرا قائلا
ذنبك أنك من أهل الإسلام
أسرهم الجنون فالجهل مرشدهم
الشّيطان لهم مصلح وإمام
لا توبة لهم مما ارتكبوا
ولاصحوتا لضمير داسته أقدام
وساوس تسكنني أتراها إلى
الوراء تدفعني أم للأمام
أحاور على سريري الجدران
والأسقف بما عليهم من إجرام
أبوح لمن؟ عبثوا بصفاء أرضي
جعلوا الشّر نشوتا بعزم وإقدام
رسموا عليها البياض سوادا
والجرم من أركان حياة الأنام
ضاقت نفسي بما فعلوا فكأنما
الحسرة تطعنني بطعنات الحسام
لیست تبدو بها دماء ليست
تحمل آثار سيف ولا سهام
أقولها حكاية جسّدت ممن
ترمّلت أخلاقهم في سبل الظلام
أعلنوها لمن أعزهم الوهم
وطاروا في غفلة كأسراب الحمام
ناموا وما استفاقوا خشية
دمار عرشهم وسخط الأنام
وظنّوا الحق عار وخشوا
سخرية القدر من يقظة النيام
وما كانت الأقدار إلا لتعلي
صاحب حق وناصره بالتزام
نجواي رباه صبرا ورحمتا
فهو يوم من تلك الأعوام
فمن قهري خانتني الحروف
لأبوح بما فعل في أرضنا الظلام
فمن رمل العروبة في صمت ؟
أبكى وأدمى قلب الطفل البسّام
كيف أبوح؟.. و لشفتاي قيد
يطويهما صمتا من هول الأيّام
عن ظروف اعتقالي أحكي
أم التلاعب بي وأسباب اتهام
وحسبي ربي ألهمني رشدي
وأكرمني الشهادة وحسن المقام
زايدي حياة الجزائرية
Discussion about this post