باسل كويفي يكتب:
ليس مستغرباً هروب بشار الأسد وزبانيّته
معقل الأرهاب بأفكاره وأدواته ووسائله ، حوّل سورية إلى معتقل كبير للسوريين بالدّاخل من شتّى انتماءاتهم وتوجّهاتهم ، وهجّر الملايين منهم بين نزوح داخلي وهجرة خارجيّة في مخيّمات اللجوء ومراكب الموت في البحر ..
سجناء ومعتقلين منذ عقود طويلة بالآلاف،
من مفقودين ومغيبّين طال فقدانهم وانتهتْ آمال عائلاتهم .
سجون ومعتقلات بالمئات ومراكز احتجاز أمنيّة منها ما تزال مخفيّة ، إناس مظلومين ، العديدُ منهم فارقوا الحياة ، ومن عاش منهم تمنّى أن يلحق بهم ليبتعد عن العذاب والهوان والتّنكيل .
جرائم يندّى لها الجبين ، مارس الشّيطنة في تعذيب المدنييّن بالصعق والحرق ، وتدمير المدن والبيوت فوق أصحابها بمختلف أنواع الأسلحة وبشكل فاق ما قامت به النّازية في الحرب العالميّة الثّانية .
لم يكتفِ الطّاغية بذلك ، بل حدّد لهم ( اسرائيل ) قبل هروبه من الاهداف العسكرية السورية لاعتباراته بأن سورية مزرعته ولاستكمال تدمير المؤسسة العسكريّة الّتي هي ملك الشّعب السّوري ، بعد أن استباح بنيانها وحولّها من وطنيّة سوريّة الى مؤسسة عقيديّة أسديّة مخبريّة نهبويّة ، حتّى أضحت سوريّة اليوم شبه منزوعة السّلاح .
لقد عكس هذا المسار الّذي سلكه الدّيكتاتور وتحالفاته السّيئة ،بقايا حرب استدرجت قوى عالميّة إلى حالة من التّوازن القلق: قوات أمريكيّة وروسيّة في زوايا متقابلة من البلاد، قاعدة تركيّة في الشّمال، تواجد ايراني بأذرع متعدّدة بحجّة مواجهة اسرائيل ، حوّلت سوريّة الى ساحة مواجهة وصراع بين إيران وإسرائيل في ملفّات منها الظّاهر ومعظمها خفيّة .
اعتادت فيه اسرائيل أن تقصف أهدافًا مختلفة بحجج متعدّدة في أرجاء الأرض السّورية دون أيّ ردٍّ سوى الاحتفاظ بحقّ الرّدّ حتّى بالقرب من دمشق وفيها ، في سيناريو مكرّر لما حصل مع مورّثه للحكم حافظ الأسد الّذي شقّ طريقه عبر الانقلابات الدّاخلية والمحاور الخفيّة من وزارة الدّفاع إلى الرئاسة مباشرة بعد خسارة سوريّة لهضبة الجولان وتسليمها لصالح إسرائيل في حرب 1967.
إنّ حكم الدّيكتاتوريين في العالم والأنظمة الشّمولية عبر التّاريخ مصيرها الى الزّوال ، كما حصل مع تشاويسكو رومانيا وهتلر إلمانيا .. إلا إنّهم كانوا أكثر شجاعة من بشار الدجّال ولاقوا مصيرهم المحتوم .
السّوريون الآن ، معنيّون جميعهم بعمليّة الانتقال السّياسي لدولة تمثّل تطلّعاتهم، وتشكيل هيئة حكم انتقالي بجدول زمنّي واضح للوصول إليها .
إن أهمّ رسالة يوجّهها السّوريون اليوم لبعضهم هي السّلم الأهليّ والامان الاجتماعي عبر التّسامح ، للتحرّر من المرحلة الأسدية المقيتة ومن عقلية الغلبة والكراهية والاقصاء كي تغدو سورية لكلّ السّوريين حقًاً ، كمواطنين أحرار ومتساوين…تلك هي المقدمة التأسيسيّة لسورية الجديدة، التّسامح يعني العدالة الانتقالية أيضاً ، الّتي تتمثّل بمحاكمة المجرمين الّذين سفكوا دماء السّوريين وساموهم العذاب بالسّجون، والتّعويض عن الضّحايا، الشّهداء والجرحى والمعتقلين المحرّرين، والّذين دمّرت بيوتهم ، التّسامح هو استعادة الدّولة بأركانها الّتي تتمثّل بسيادة الشّعب وفصل السّلطات التّشريعيّة والقضائيّة والتّنفيذيّة، في نظام سياسي ديمقراطي تداولي جدير بالثّقة وتوافقي .
Discussion about this post