ساعة الغابة المقلوبة
بقلم / أيمن دراوشة
قصة قصيرة:
التّصنيف / فانتازيا- سريالية – خيال علمي
في قرية بعيدة تقع عند أطراف غابة خضراء كثيفة، عاش رجل يُدعى “حاتم”، يشتهر بحبّه لاختراع أشياء غريبة. ذات يوم، قرّر أن يصنع ساعة تُجسّد الزّمن بطريقة جديدة. أخذ موادًا من الغابة: خشبًا من أشجار عمرها مئات السّنين، وأحجارًا غريبة تشعّ بألوان لم يرَها أحد من قبل.
عندما انتهى من صنع السّاعة، لاحظ أنّها لا تدور كأيّ ساعة عادية. عقاربها تتحرّك عكس الزّمن، والرّقم “12” كان في الأسفل بدل الأعلى. كلّما نظر حاتم إلى السّاعة، شعر بشيء غريب يجذبه إلى الغابة، وكأنّها تناديه.
في إحدى الليالي، استيقظ حاتم على صوت همس يأتي من الغابة. حمل السّاعة واتّجه نحو الصّوت. فور دخوله الغابة، توقّفت كل الأصوات المعتادة: لا طيور، لا ريح، لا شيء سوى صمت ثقيل. فجأة، بدأت الأشجار تتحرّك! نعم، الأشجار نفسها. جذوعها التفّت حوله، وقادته نحو مكان غريب في وسط الغابة، حيث رأى حفرة عميقة مليئة بالضّوء.
ألقت الأشجار السّاعة في الحفرة، وبدأ الضّوء يزداد بريقًا حتّى غمر المكان. وجد حاتم نفسه يطفو في الهواء، وفي لمح البصر، كان يقف في وسط المدينة، ولكن… كل شيء كان معكوسًا. النّاس يمشون للخلف، الطّيور تطير مقلوبة، والنّهار تحول إلى ليل أرجواني.
لم يستطع حاتم فهم ما يحدث، لكنّه سرعان ما أدرك أنّه كان يعيش في “زمن مقلوب”. الأشخاص الّذين ماتوا عادوا أحياء، والأطفال الّذين ولدوا للتو كانوا يختفون تدريجيًا. المضحك أنّ الجميع كانوا يتصرّفون وكأنّ هذا طبيعيّ تمامًا.
حاول حاتم أن يشرح للناس أن هذا ليس الزّمن الحقيقي، لكنّهم كانوا ينظرون إليه كأنّه مجنون. ثم ظهر رجل عجوز غريب يرتدي ملابس من ورق الشّجر، وقال له:
“لقد كسرت قوانين الزّمن، والآن يجب أن تختار: إمّا أن تعيش هنا إلى الأبد، أو تعيد الساعة إلى مكانها الأصليّ.”
حاتم، المهووس بالمغامرات، قرّر أن يبقى، لكن ما لم يعرفه هو أن كلّ دقيقة تمرّ في هذا الزّمن تعني أنّه ينسى جزءًا من حياته الحقيقية.
وفي النّهاية، أصبح حاتم مجرد شخصيّة في قصة تُحكى للأطفال عن رجل صنع ساعة غيرّت كلّ شيء.
النّهاية
Discussion about this post