ليس أولّها النصر ليس.. أخرها الهزيمة

المغيرة الهويدي يكتب:
ستنتهي الحر…بُ
في صباحِ لا يختلفُ عليه إثنان،
ستُواصل الأعشاب نموّها تحت الرّكام،
وستطير العصافير أمام عيون القطط
غير آبهةٍ بما حدث
و ستُشرق الشّمسُ إذا لم تكُن السّماء غائمة،
أو ستُشرق في اليوم التّالي .. ليس هذا مهمّا!
نحنُ نعرف أنّ لا شيء سيتغيّر،
أعني، ربّما سنعرف هذا لاحقا ..
وأنّ انتهاء الحر….ب لا يعني بداية جديدة ..
ستنتهي الحر…بُ و سيخرج النّاسُ الى الشّوارع،
وفي الوقت الّذي تجد فيه يدٌ مكنسة تُثير الغبار،
ستجدُ يدٌ أخرى قميصا مهترئا،
تلمّع به ما بقي من أثاث البيت في صور العائلة،
سيكون هناك أطفالٌ يفتّشون بمرح عن فوارغ الرّصا..ص،
وعمّا يصلح أن يكون بند..قية !
و كما سيكون هناك نساءٌ ينظّفن بيوتهن بصمت،
سيكون هناك رجال يدخنون
و يتحدّثون بصوت عال عمّا يجب فعله!
ستنتهي الحر….بُ
و سيكون هناك صمتٌ طويل
تقطَعْه لعناتٌ مُتقطّعة و كثيفة!
وسنُنصت جيّدا لصرير الأبواب كلّما فُتحت،
الأبواب الّتي صمدت مُصادفةً
و سنضحكُ دونما سبب،
و سنبكي لأسباب كثيرة،
ليس آخرها النّصر، و ليس أوّلها الهزيمة!
ستتنهي الحر….ب
وسيكون الليل قاسيًا
أيضًا عندما لا يكون هناك متّسع
للحديث عن حياة قادمة
وعندما لا تجد الأمّ أغطيةً تكفي الجميع
أو زجاجة حليب معقّمة
عندما ينظر الأب إلى باب البيت
ويفكّر في الأشجار الّتي أهدر تحت ظلالها انتظارات كثيرة
ستنتهي الحر….ب
وسنجد حانة تقدم النّبيذ وسحابة من دخان السّجائر
وتلفاز صامت يقدّم نشرة مفصّلة للأخبار
وشجار عند بابها لا تلتفت إليه
وامرأة بساق واحدة
ومكياج رخيص
تمضغ العلكة ثمّ تبصقه في وجه بائع اليناصيب
سنشرب كثيرًا تحت ضوءٍ أصفر
وأسلاكٍ تتدلّى من السّقف كمشانق صغيرة
وسنضربُ بأكفّنا على الطّاولة
عندما ترتفعُ أصواتنا
ويستبدّ بنا الجدال حول تعريف ما حدث!
ستنتهي الحر…بُ من دون أن نعرف كيف و لماذا ..
ستنتهي الحر….ب..
و سيكون هناك صمت طويل..
تقطعه لعنات متقطّعة و كثيفة..
و سننصت جيّدا لصرير الأبواب كلّما فتحت..
الأبواب الّتي صمدت مصادفة..
و سنضحك دونما سبب..
و سنبكي لأسباب كثيرة..
ليس أولّها النّصر..
ليس أخرها الهزيمة..
ستنتهي الحر…ب دون أن نعرف كيف و لماذا…
نحرق الأسئلة مع خشب الأسرّة في تنك الزّيت…
لنتدفّأ في زوايا الشّوارع..
لنضيء مساحات ضيّقة من وجوهنا المتعبة..
و عندما يتناهى إلى مسامعنا صوت بكاء طفل.. أو ضحكة عاهرة
سنضحك هذه المرّة لسبب واضح..
و سنبكي لأسباب كثيرة..
ليس أولّها النّصر..
ليس أخرها الهزيمة…