هديل فوحان تكتب:
على مستوى الفضاء، وبالتحديد في المنطقة المعروفة باسم سحابة ماجلان الكبرى، تبرز لوحة مبهرة بألوانها الزاهية ومشاهدها البديعة، وتستقر فيها الأمن والسكينة، مغروسةً فيها السعادة والفرح. في تلك المنطقة الرائعة توجد عائلة محترمة ومتماسكة، تُضيء كالنجم وسط الظلام، ترتبط أفرادها ببعضهم البعض رغم غياب عمود المنزل وسند الأبناء. تلك العائلة التي سعت الأم بجهدها اللامتناهي لجعلها مترابطةً ومتلاحمة، وتحملت الصعاب والمشاق لرعاية أبنائها وتربيتهم على الفضائل والقيم، كانت تُلقب بالنجوم.
كانت لهذه العائلة من الأولاد ما لا يُعد ولا يُحصى، لكن الأم كانت تفضل من بينهم ابنتها التي تدعى سما. كانت سما بجمالها الذي يُضاهي جمال الأنهار وصفائها، وصوتها العذب كصوت العصفور يغرد في الصباح الباكر، وشعرها الحريري كشعر الحصان، يتماوج بلطف في الهواء. كانت تبرز بذكائها الحاد ونشاطها الدائم ومرَحِها الذي يبعث البهجة في النفوس. بفضل هذه الصفات، كانت الأكثر محبوبة في تلك المنطقة، حيث كان الجميع يعشقون رفقتها ويستمتعون بحديثها.
كانت لسما صديقة وفية تدعى شمس، فتاة فقدت والديها في حادث مرعب ولم يكن لها أي أفراد من عائلتها. تقبلتها عائلة سما بقلوب مفتوحة وعاشت شمس معهم كواحدة منهم. كان الحب بين سما وشمس يفوق كل الحدود، حيث اعتبرتا بعضهما البعض كالأختين التوأم، تتشاركان الأسرار والأحلام وتساندان بعضهما في كل المحن.
لكن لم تكن الصديقتان تعلمان أنهما تحبان نفس الشخص، جارهم الوسيم والخلاب القمر. كان القمر بوسامته الأخاذة وروعته يُضاهي جمال سما بكثير، وكان له شخصية عظيمة تجذب القلوب، وأناقة تسحر كل من ينظر إليه.
في أحد الأيام، وفي لحظة من لحظات الصراحة بين الصديقتين، أخبرت سما صديقتها الوفية شمس بأنها وقعت في حب شخص ما، وأن مشاعرها لا تستطيع أن تبقى مكتومة أكثر من ذلك. كانت تتحدث بعينين تلمعان بالأمل والخوف في آن واحد. طلبت شمس من سما بشغف أن تذهب وتعترف بمشاعرها لهذا الشخص الذي تحبه، قائلة لها أن الحياة قصيرة ولا يجب تأجيل مثل هذه الأمور.
بعد محاولات عديدة لإقناع سما، نجحت شمس في إقناعها بكلماتها المشجعة والنابعة من القلب. قررت سما أخيرًا أن تتحلى بالشجاعة وتذهب لتعترف بمشاعرها، مهما كانت النتيجة، لأنها كانت تعلم أن الصداقة الحقيقية تدعم مثل هذه القرارات الشجاعة.
بعد تفكير طويل ومضنٍ، قررت شمس أن تتحلى بالشجاعة وتحاول من أجل نفسها أيضًا. كانت تدرك أن الحياة لا تنتظر أحدًا، وأن الفرصة قد لا تتكرر. وفي اليوم المحدد، الذي بدا وكأنه يحمل الكثير من الأمل والتوتر في آن واحد، استعدت سما للاعتراف بمشاعرها. كانت خطواتها متثاقلة وبطيئة، وكأنها تحمل أثقال العالم على كتفيها. كان الخوف يسيطر عليها بكل قوة، ولكن حبها كان يدفعها للأمام.
عند لقاء سما والقمر معًا، كانت اللحظة مشحونة بالمشاعر والعواطف. وفي نفس الوقت، كانت شمس قد أخذت قرارها بالحماس والتحمس، وذهبت هي الأخرى للاعتراف بمشاعرها. كانت تحمل في قلبها أملاً كبيرًا بأن يكون رد القمر إيجابيًا.
ولكن عندما وصلت شمس ورأت سما والقمر معًا، وسمعت اعتراف سما بمشاعرها للقمر، كانت الصدمة أكبر مما يمكنها تحمله. بدأت الدموع تنهمر على خدها وكأنها أمطار غزيرة في ليلة عاصفة، لم تكن قادرة على رؤيتهما معًا وتحمّل هذا الموقف الصعب. شعرت بأن قلبها ينكسر، وغادرت المكان بسرعة وهي باكية، محطمة القلب ومذعورة.
لكن أيضًا سما تلقت رفضًا من القمر، لأنه كان يعتبرها كأخته وصديقة قريبة جدًا. كانت كلمات القمر مثل السيف الذي قطع أمل سما في لحظة، تاركًا إياها حزينة ومحبطة. بعد مغادرة سما للقمر وهي مكسورة القلب، حاولت الاتصال بشمس مرارًا وتكرارًا، لكنها لم تتلق أي رد. شعرت سما بالوحدة والحزن يتسلل إلى قلبها بشكل أعمق.
في هذه الأثناء، قررت شمس الهجرة إلى مكان بعيد، بعيد عن الذكريات المؤلمة والمشاعر المعقدة. اختارت أن تمنح ضحكتها وحبها للنهار وللأشخاص الجدد الذين قد يدخلون حياتها. رغبت في أن تبدأ حياة جديدة، بعيدًا عن الألم والخسارة.
بينما بقيت سما في منزلها، محاطة بذكرياتها وأحلامها التي لم تتحقق. كانت تضيء الليل بنورها الداخلي، تُعطي الأمل لكل من ينظر إليها في الظلام. أصبحت رمزًا للأمل والقدرة على التغلب على الحزن، لتكون نورًا يرشد الآخرين في الأوقات الصعبة.
Discussion about this post