بقلم الشاعر … عمر فاروق عبده
عناق العدم …
لم أعد أؤمن بالمعجزات، ولم أعد أؤمن حتى بالأمل. الأمل كذبة كبرى نسجتها البشرية لنتحمل هذا العبء الثقيل الذي نسميه الحياة. لكنني أرى الأمور بوضوح الآن؛ ليس هناك من خلاص. ليس هناك ضوء في نهاية النفق. هناك فقط الفراغ والعدم.
……………….
الحياة التي لم تكن يوما لي:
عشت حياتي وأنا أشعر أنني دخيل على هذا العالم. لم أكن يوما جزء من هذه الصورة لم أشعر بالانتماء إلى شيء أو إلى أحد.
كانت الحياة دائما معركة مستمرة، ولكن معركة بلا هدف. وقفت ضد الاعصار، ولكن لماذا؟
لأجل النجاح؟ لم يكن النجاح يوما سوى وهم يلهث خلفه الجميع.
لأجل الحب؟ الحب أثبت لي أنه خرافة، شيء نتمسك به لأننا نخشى الوحدة.
لأجل الأحلام؟ أحلامي كانت كفقاعات الصابون، جميلة لكنها تلاشت في لحظة.
أنا الآن أقف في منتصف هذا الطريق، أنظر خلفي فلا أرى سوى الخيبات، وأنظر أمامي فلا أرى سوى الفراغ.
…………………
العدم:
البعض يخاف من الموت، يخشاه كأنه نهاية لكل شيء، لكن بالنسبة لي الموت ليس نهاية. إنه بداية جديدة، بداية خالية من الألم، من التوقعات، من خيبات الأمل.
العدم ليس كابوسا كما يصوره الآخرون. بل هو سلام لا يعكر صفوه شيء.
في العدم، لن أحتاج إلى القلق بشأن المستقبل. لن أحتاج إلى حمل ثقل الذكريات. لن يكون هناك ماضً ولا حاضر. فقط السكون.
………………
واقترب الرحيل
إلى أهلي الذين لم يروني أبدا، الذين عاملوني كأنني عبء يجب التخلص منه: وداعا.
إلى الأصدقاء الذين كانوا كالظلال، موجودين فقط حين تسطع الشمس وغائبين حين أحتاجهم: وداعا.
إلى من أحببتهم بصدق وخذلوني: وداعا.
لن ألومكم فأنتم جزء من هذه الحياة القاسية. لكنني أقول وداعا لأنني لن أحمل معي أي أمل في إصلاح ما كسر.
……………..
رسالة أخيرة
الحياة لم تكن يوما مكانا عادلا.
الحياة تدوس على الضعفاء.
تهدي الانتصارات لأولئك الذين لا يستحقونها.
تتفنن في تحطيم كل من يحاول أن ينهض.
أنا لست بطلا في هذه القصة. لم أكن يوما ولن أكون أبدا. كل ما أردته هو أن أعيش بسلام، لكن الحياة رفضت أن تمنحني حتى هذا.
………………………
حين تنطفئ الأنوار:
لن أطلب شفقة من أحد، ولا دموعا.
لن أترك خلفي سوى صمت عميق، صمت يعكس كل ما شعرت به من خذلان.
لن أترك وصية، فما من شيء يستحق أن يُقال.
لمن يقرأ هذه الكلمات، لا تبحثوا عني حين تنطفئ الأنوار. لا تفتشوا عني في الظلام. لا تسألوا “لماذا؟” فقد أخبرتكم بكل شيء.
ما أريده الآن هو الراحة.
الراحة من الألم، من الصراع، من الخذلان.
الراحة التي لم أجدها هنا، ربما سأجدها هناك في العدم.
…………………..
عناق السكون القرمزي:
في العدم لا يوجد خذلان.
لا توجد ذكريات لتطاردك.
في العدم، لا يوجد شعور ولا ضعف ولا ألم.
سأنتقل إلى هناك.
لأنني أخيرا فهمت. الحياة ليست للجميع. الحياة لم تكن يوما لي.
بقلم الشاعر … عمر فاروق عبده
Discussion about this post