غِوَايَة..
لِأَنِّي أَعْرِفُكَ مِنْ فَتْرَةٍ ،
كُنْتَ تَسْكُنُ فِي البَيْتِ المُقْفَلِ :
تَجُرُّ غَيْمَةً ،
وَ مَدِينَةً مِنَ الكَادِحِيـنَ .
تَحْمِلُ هَاتِفَكَ المُعَطَّلَ .
وَ تُشِيرُ بِسَبَّابَتِكَ المَحْرُوقَة
إِلَى البَحْرِ ،
وَ اليَابِسَة .
لِأَنِّي أَعْرِفُكَ
أَيُّّهَا الرَّجُلُ القَمِيءُ فِي الحِصَارِ ،
كُنْتَ تَلْمَعُ قَلِيلاً
وَ أَنْتَ تُطْلِقُ الرَّصَاصَ
عَلَى الأُرْجُوحَةِ ،
وَ تِيجَانِ الحَجَرِ .
كُنْتَ تُطْلِقُهَا فِي الحُقُولِ
المَسْقُوفَةِ بِالمَطَرِ .
تُطْلِقُهَا فِي كُلِّ اتِّجَاهٍ .
ثُمَّ تُعْلِنُهَا حَرْباً عَلَى الغِرْبَانِ ،
وَ النَّمْلِ ،
وَ أَسْرَابِ الجَرَادِ .
كُنَّا بِدونِكَ
نَنْفُخُ فِي فُرْنِ الرَّمَادِ .
وَ لَا أَحَدَ يَقْطِفُ حَبَّاتِ العِنَبِ .
كُنَّا مِثْلَ قَشَّةٍ يَابِسَةٍ
فِي قَوْسِ الرِّيحِ .
عَبَثاً لَمْ تُكْمِلْ قَصِيدَتَكَ
كُنْتَ تَكْتُبُهَا بِلُغَةٍ
مَعْجُونَةٍ بِالصَّلْصَالِ
تَكْتُبُهَا إِلَى رَجُلٍ قَمِيءٍ آخَرَ يُشْبِهُكَ .
كُنْتَ تَخِيطُ غَيْمَتَكَ
بِغَيْمَتِهِ
وَ المَوْتُ يَدِبُّ إلَيْكَ .
سَنَوَاتُ المِلْحِ الطَّوِيلَة
لَمْ تَعُدْ تَغْوِي شَجَرَةَ التُّوتِ .
المَاءُ بِلَا رَائِحَةٍ ،
تَنْفُثُهُ حَيَّاتٌ رَهِيبَةٌ
فِي صَنَابِيرِ الحَدِيدِ الصَّدِئَةِ ،
وَ قَدْ صَارَ رَغْوَةً بُنِّيَّةً
فِي قِرَبٍ طِيِنِيَّةٍ .
الهَوَاءُ بِلَا لَوْنٍ ،
صَارَ دُخَاناً
فِي حَاوِيَاتِ بَوْلٍ مَثْقُوبَةٍ .
الفَرَاشَاتُ تَتَأَلَّمُ عَارِيَةً .
النَّهْرُ يٌتَوَقَّفُ عَنِ الرَّكْضِ حَزِيناً .
العَاصِفَةُ تُصَفِّرُ فِي أَصَابِعِ الطِّفْلِ ،
لَا فِي القَصَبَاتِ .
صِرْنَا بِدُونِكَ
نَقِيسُ الصَّدَى بِخُيُوطٍ
نَفْتِلُهَا بِضَفَائِرِ النِّسَاءِ .
سَنَوَاتُ المِلْحِ الطَّوِيلَة ،
لَمْ تَعُدْ تَعْنِي
لَا صَاحِبِي
وْ لَا شَجَرَةَ التُّوتِ .
مصطفى لفطيمي
المغرب
Discussion about this post