وقفتُ أمام الهاتف فى انتظار دوري ، لم يبق أمامي غير شخوص ثلاثة ، لكن الوقت يمضى متعثرًا، وغمامٌ كثيف يبصق علينا ، وبرودة الجو تنال منَّا .
رتبتُ في ذهني الكلمات التي يجب قولها ، سأبين لها مدى انهيار المسافات بيننا ، وتحطم الجسور أمامنا ، وتطايُر الرميم فى أجوائنا.
سأؤكد لها أن الاستمرار فى العلاقة خطيئة كبرى ، وأن هذا الاستمرار – إن استمر- سيحكم على العدم المعدوم بالإعدام .
سوف أبين لها سوء التفسير ، فالأرحام لم تزل حبلى ، والأجنة لم تزل تحيا ، والأمهات فى عداد الموتى.
سوف أوضح لها خطأ التأويل، فالإجهاض ليس موضوعًا، والطين ليس ملعونًا، والفتى لن يعاصر مرضى .
لن أرجئ المكالمة حتى لو اقتضى الأمر أن أقف ساعات لا دقائق ، فأنا – هذه المرة – عازمٌ على إنهاء العلاقة دون رجعة.
اقتربتُ من الهاتف، وبصاق الغمام يزداد إصرارًا، وبرودة الجو تقهر تماسكنا.
ها أنا – أخيرًا – في مواجهة الهاتف ، أضع كارت الاتصال، أبدأ بالضغط على الأزرار، لكن كم رقم الهاتف؟ ….كم ؟ ….كم؟ …..كم؟
Discussion about this post