تجول في حديقة الوقت
ولا في قرفصاء الكلب
الّذي أنهك لهاثه نباح القيلولة
قلت للمقعد الوحيد في أقصاه
أدنو منّي
ولا تخف من تربّص الخواء
قل لي:
كم من عاشق؟
أهداك دفء وردة واختفى..
كلّهم كانوا يكذبون
ردّ بغصّة شديدة الحشرجة
تراهم يهيمون
كُلّما مرّت غيمة في سمائي
ماءت عقارب وجوههم نحو الغروب
غيوم فارغة
تظلّل عصر الألم
ولا قطرة ماء
في أص أوركيدة حزينة
قالت نبتة غريبة
في زاوية الطّين اليابس
أنا مالي
وما لمؤثرات القلب الفجّ
إذا أشتاق لقبلة؟
رجّ نبض الزّهر في سيقان البعد
لهفة
يستعيد ” فكرون” البئر
ذاكرة الماء
المسكوبة
قطرة
قطرة
في وعاء الفخار المثقوب
فيعزف عن: لا جدوى البكاء
ومن دون أن ينتظر حكم الظّلّ
يطلق سراح علقة
تأبّطت دلوا صاعدا صوب الفراغ
حتى سال من عينيها
متصلّبا شحّ العطش
وللطين قصّة أخرى
مزمّمة في الأثر
يرويها ما تبقى
من ندى حلم صغير
على صدر الحجر المالح
البئر يا يوسف!
أرحم من إخوتك
والذّئب!
بريء من دم الغزالة
وللأسد قصة مشابهة
يعرفها اللّائي يقطنون
ظلام الأنفاق في “جحر الديك”
ترويها خوذات الأعداء
الهاربة أجسادهم
معطوبة الأحاسيس
مع زوابع الغبار
وللقتلة
سجل حافل بالأكاذيب
ترويه أمّهات الشّهداء
لأنقاض بيوت
مهدّمة بين يدي الله
فيهيج البحر من فم الرّمل النّاعس
يبتلع وسائد الخيام
يحشو محاراته بصراخ الغرقى
ويطفو على جبينه زبد أحمر
كأنه دماء
الّذين استشهدوا في غفلة الصّورة
وهم في الخيام شبه نيام
قل لنا أيّها البحر
الّذي تلتحف راية العدو ليلا
كيف تغار من ألوان علم الوطن
أبيض
كصفاء القلب
أحمر
كلون الورد
أخضر
كلون الزّيتون
وإن اقتلعته نعال العدم
أسود
كأفقنا المدثّر بأسئلة اللّاجدوى
أكلّما أوقدنا شمعة فيه؟
اشرأبّ بعنقه
نحونا الخراب
قاذفا على وجوهنا موتا بلا كفن
لا فكرة
تجول في حديقة الوقت
ولا في قرفصاء الكلب
الّذي أنهك لهاثه نباح القافلة
قلت للنخلة الوحيدة في أقصى البرّيّة
انحني قليلا
ولا تخافي على العرّاجين
من تربّص الزّعاق
قولي لي:
كم من طائر
عابر سبيل منحته تمرة؟
وأهداك دفء العشّ بين السّعف
ثم اختفى للأبد…
______________________
المصطفى حناني
بلجيكا في 2/12/24.
– الفكرون
هو حزام خشن يلبس في العديد من مناطق المغرب. يرجع اسمه والذي يعني بالدارجة المغربية «السلحفاة» إلى شكله الذي يشبه الدرع المستدير ويُعتقد أنه يجلب السعادة، كما يقي من العين الشريرة
– الزعاق
نوع من الرياح الصيفية الماطرة.
Discussion about this post