غابة الأمازون وثقب الأوزون
بقلم/ مهندس باسل كويفي
تعتبر غابة الأمازون “رئة العالم” وضمنها نهر الأمازون
أكبر الغابات الاستوائية على كوكب الأرض. وهي عامل استقرار للمناخ العالمي، كونها تمتص كميات ضخمة من غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يساهم بالتغير المناخي، لكن عمليات الحرق وقطع الأشجار أدت إلى ارتكاسها بعض الشيء، كما أنها تلعب دوراً حيوياً في تنظيم مناخ الكرة الأرضية، والحفاظ على التنوع البيولوجي العالمي، نظراً لاحتوائها على مختلف أنواع الحشرات وأكثر من ألفي نوع من الطيور والثدييات،
مما يوفر خدمات النظم البيئية الأساسية للبشرية.
في نفس الوقت، فالمخاطر من المواد الضارة النافذة للأوزون تؤدي إلى إحداث ثقب فيه، مما يسمح للأشعة فوق البنفسجية بضرب الأرض مباشرة، ويهدد حياة الإنسان، وصحته كما يضر بشكل خطير معظم الحيوانات والنباتات وملحقاتها .
إن النشاط البشري الصناعي وما استحدثه الإنسان من تكنولوجيا في استخراج النفط الأحفوري و المواد الكيميائية والتنافس الإقتصادي والعسكري الشرس أدى إلى الاستخدام المفرط في صناعات مدنية وعسكرية تنفث سمومها من الغازات الضارة المتعددة إلي كوارث مناخية وبيئية عبر ثقب في طبقة الأوزون
المقاربة قد تكون أقرب للواقع بالانتقال من الحالة البيئية والمناخية العالمية الى الحالة السياسية والجيوسياسية والعسكرية الاقليمية والعالمية، حيث يمثل الأمن والسلام استقرار العالم وتقدمه، بينما تمثل الحروب والصراعات ثقب أسود يهدد حياة البشر والكائنات الحية على كامل مناطق كوكبنا .
لقد خلقت الحرب الإسرائيلية في فلسطين ولبنان وسورية مصلحة وتحالف مشترك غير معلن بين هيئة تحرير الشام والفصائل المسلحة وتركيا من جهة وبين مصالح اقليمية – دولية متعددة .
اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان وتنفيذ القرار الأممي 1701 هل يصمد في ظل استمرار الحرب على غزة، وكيف يُمكن كبح جماح اسرائيل التي لم تستطع الأمم المتحدة والدول الكبرى ايقاف اعتداءاتها، حيث نشهد التصعيد الخطير في سورية والضوضاء النووية بين روسيا والناتو في أوروبا.
باعتقادي؛ المنطقة والعالم في مرحلة ما قبل التحضير لتسويات مهمة تتم فيها عمليات تصعيد عسكرية وأمنية متعددة ، وضمن هذه العناوين لانعير الدول الكبرى اهتماماً بالتفاصيل الإنسانية و الأخلاقية .
في هذا السياق، أطلقت هيئة تحرير الشام والقوات المدعومة من تركيا عملية أسموها ” ردع العدوان ” في حلب وادلب وريفها ،الهدف المعلن منها إعادة المهجرين السوريين لبلداتهم، حيث لا تزال ملفات اللاجئين هي استثمار سياسي بامتياز من قبل كل الأطراف الفاعلة.
بينما تتضح الأهداف الحقيقة للعملية هي توسيع نفوذ ومناطق سيطرة تركيا والفصائل المسلحة بما يضمن لهذه الاطراف نفوذ في مستقبل الحالة السياسية السورية، والضغط على الجيش السوري، و ” قسد ” في شمال شرق سورية .
للعلم؛ تُصنف الولايات المتحدة الأمريكية هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية، وقد تكون الهجمات هي إعادة لخلط الأوراق والتموضع الميداني الأكبر للتفاوض ، قبل 22 يناير / كانون ثاني 2025 التي ستبدأ مع إدارة الرئيس الأمريكي ترامب وتعهداته الانتخابية .
في نفس الوقت، تسعى تركيا للضغط على الحكومة السورية للتطبيع معها وفق رؤية أنقرة، بينما روسيا المنخرطة في أوكرانيا التي سمح لها الغرب باستهداف العمق الروسي بالصواريخ اكتفت بتصريح الكرملين محذراً من ” الإعتداء على سيادة سورية ” ، وإيران تجري مباحثاتها بشأن الملف النووي في اوروبا ومن شروط الصفقة على الارجح الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة ، و ثمة أطراف دولية وإقليمية تشمل إسرائيل ، تركيا، الولايات المتحدة، فرنسا، ودول غربية أخرى تسعى لتحقيق أهداف سياسية أوسع، من ضمنها تحييد سورية من لعب الدور السياسي في لبنان لتطبيق أجندتها مما يوضح مدى تعقيد المشهد الإقليمي والدولي ، الذي تتضح معالمه بأن إسرائيل هي المستفيد الاكبر ( إستراتيجية تكامل تحييد التهديدات) التي بدأها نتنياهو منذ الحرب في غزة .
حتى قبل الحرب في سورية، كان التعويل على تنفيذ القرارات الدولية محدوداً، فهو بحاجة إلى توافقات عميقة تتجاوز التناقضات والصراعات الدولية لبناء صبغ جديدة في إدارة العالم ، وسورية بحكم موقعها الجغرافي والجيوسياسي أضحت ساحة صراع أقليمية – دولية ، وقد يكون الحوار السوري – السوري و تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 مخرجاً وحيداً متوافق عليه دولياً للخروج من عنق الزجاجة في ظل الصراع المحتدم في مختلف أرجاء العالم .
السلام والامن والاستقرار هو توق الانسانية لاستمرار الحياة البشرية ، والحروب والنزاعات هي الثقب الأسود الذي يهدد كوكبنا .
بقلم/ مهندس باسل كويفي
Discussion about this post