كتاب (روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ) ل أبو المعالي محمود شكري بن عبد الله الألوسي .
** ( قصته ) وسبب تأليفه لهذا الكتاب **
قال – رحمه الله – كثيراً ما خطر لي أن أحرر كتاباً أجمع فيه ما عندي من علم واني كنت أتردد في ذلك إلى أن رأيت في بعض ليالي الجمعة من رجب سنة (1252ه) رؤية إن الله جل شأنه وعظم سلطانه أمرني بطي السموات والأرض ورتق فتقهما على الطول والعرض ، فرفعت يداً إلى السماء وخفضت الأخرى إلى مستقر الماء ثم انتبهت من نومي وأنا مستعظم رؤيتي ، فجعلت أفتش لها عن تعبير ، فرأيت في بعض الكتب أنها إشارة إلى تأليف تفسير فشرعت فيه ، وكان عمري إذ ذاك أربعاً وثلاثين سنة .
* ومن أسباب التأليف أيضا
١- الحاجة الملحة لتفسير القرآن: في زمن الإمام الآلوسي، كانت الحاجة إلى تفسير شامل ودقيق للقرآن الكريم ملحة، خاصة مع انتشار التيارات الفكرية المختلفة وتعدد التفسيرات.
٢- الدعوة إلى التمسك بالسلف الصالح: كان الإمام الآلوسي من أبرز دعاة التمسك بمنهج السلف الصالح، وكان يرى أن تفسير القرآن يجب أن يكون مبنيًا على فهم السلف الصالح وتفسيرهم.
٣- الشغف بالعلم والمعرفة: كان الإمام الآلوسي يتمتع بشغف كبير بالعلم والمعرفة، وكان يرى أن تفسير القرآن هو أسمى أنواع العلوم وأشرفها.
٤- الرغبة في ترك أثر خالٍ: من الطبيعي أن يرغب كل عالم في ترك أثر خالٍ في العلم والدين، وكان الإمام الآلوسي يطمح إلى أن يكون تفسيره منارة إرشاد للأجيال القادمة.
وبشكل عام، يمكن القول إن تأليف “روح المعاني” كان نتيجة طبيعية لمجموعة من العوامل الذاتية والموضوعية التي اجتمعت في شخصية الإمام الآلوسي وعصره.
** أهمية “روح المعاني” **
يعتبر تفسير “روح المعاني” من أهم التفاسير في التراث الإسلامي، لما يتميز به من:
١- الشمولية: يغطي التفسير جميع آيات القرآن الكريم، ويقدم تفسيرات وافية لكل آية.
٢- العمق: يستند التفسير إلى مصادر متنوعة من القرآن والسنة واللغة العربية والفقه والتاريخ.
٣- الوضوح: يتميز التفسير بأسلوبه الواضح السهل، مما يجعله ميسور الفهم لعامة الناس.
٤- التوازن: يجمع التفسير بين الجانب اللغوي والفقهي والأدبي، ويقدم تفسيرًا متوازنًا لكل آية.
ويعتبر “روح المعاني” مرجعًا أساسيًا للدارسين للقرآن الكريم، لما يتميز به من:
١- الأصالة: يعتمد التفسير على مصادر أصلية موثوقة.
٢- الموضوعية: يتجنب التفسير الانحيازات الطائفية والمذهبية.
٣- التجديد: يقدم التفسير رؤى جديدة في فهم بعض الآيات.
** نبذه عن الكتاب **
هو كتاب يجمع بين التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي، ويشتمل على آراء السلف رواية ودراية، وأقوال الخلف بأمانة وعناية، فجمع خلاصة التفاسير السابقة، وبين فيه المصنف أسباب النزول، والمناسبة بين السور، والمناسبات بين الآيات, وعرض لذكر القراءات، واستشهد بأشعار العرب، واعتنى بالآيات الكونية، والإعراب والنحو، وبين أقوال الفقهاء وأدلتهم في آيات الأحكام، ورجح بينها من دون تعصب لمذهب فقهي معين، وفند أدلة المخالفين لأهل السنة، واتخذ موقفًا صارمًا من الإسرائيليات والأخبار المكذوبة، وكان يعقب على كل ذلك بما تدل عليه الآيات عن طريق الإشارات والمعروف بالتفسير الإشاري.
وأتخذ من مواضيع الدين واللغة من فقه وقراءات ونحو وصرف وبلاغة، وسيلة لتفسيره، موضحا الاختلاف بين المذاهب، مطلعاً على الملل والنحل، كما فَنِّد آراء المعتزلة والشيعة، وغيرهم من أصحاب المذاهب المخالفة لمذهبه واعتقاده السلفى.
وقد اعتمد الألوسي على منهجي السلف والخلف في الاستدلال. كما أن مذهبه في إثبات قضايا العقيدة يدور بين ثلاثة مذاهب، هي: التأويل والتفويض والإثبات، وبهذا يكون قد أخذ من مذهب السلف وهو الإثبات، ومذهب الخلف بالتأويل أو التفويض
** ختامًا
يمكن القول إن تفسير “روح المعاني” هو إنجاز علمي وديني كبير، ولا يزال يحتفظ بأهميته وقيمته حتى يومنا هذا.
.
.
بقلم الكاتبة اسماء عبدالبر القاضي
Discussion about this post