كتبت د. وجدان محمداه
كتبت الدكتورة وجدان محمداه، أستاذ الأدب المقارن، وعضو هيئة التدريس بجامعة الشام الخاصة، في دراستها النقدية لقصيدة “تداعيات شغف” للشاعر والأديب أشرف كمال، والصحفي بجريدة وموقع بوابة الوفد الإلكترونية ، قائلة أنه نص ذو بعد ديني وصوفي، يكشف عن الإيديولوجيا المتجذرة بالمبدع أشرف كمال، حيث تتولى الوظيفة الفكرية للنقد عن كشف ما وراء النص، ومايخفى على المتلقي العادي، وهو الذي يسمح باكتشاف قدرة المبدع على التوجه إلى مخاطبيه، ومدى التأثير فيهم، وتبدو تجليات البعد الصوفي في النص في الحوار الآتي بين العاشق ومعشوقته في قوله:
- أنثايَ إن لم تكوني أّنتِ مَعشوقتي
- فّلمَ الوريدُ باسمكِ يتشهدُ؟
- دعيني أنهي مناسكَ القصيد
- وأطوفكِ بينَ الحرفِ والحرفِ
- اركعي على سجادِ بركاني
- واسجنيني
- وصفدي معصمي
- أشعلي هدوئي
- طهري صمتي الخجولْ
- واغسليني بماء مقلتيكِ
ولا يخفى على أحد أن أسلوب التحاور ، هو أحد خصائص النص الصوفي، ومن يقرأ نصوص الحلاج وابن الفارض وابن العربي يجد أن شعرهم يفيض بمثل هذه الحواريات، ولعلنا جميعاً لاحظنا المفردات و المعاني ذات الدلالة الصوفية مثل: (يتشهد، مناسك، أطوفكِ، اركعي، طهري)، هذا فضلاً عن “اسجنيني” التي تحيلنا إلى قصة يوسف عليه السلام، وسجن زليخا له.
ومن الملاحظ أن الوصف يتم عن طريق الفعل، ويظهر ذلك جلياً وواضحاً في رسم اللوحة بالأفعال الآتية: (يتشهد – أتعبد – أطوفكِ – اركعي)، وهو ما يسمى بمصطلح “وصف الأفعال”، وهذا المصطلح يماثل مصطلح اللوحة في النقد الغربي الحديث.
▪ يسعى د. أشرف في نصه “تداعيات شغف”،إلى تفريع الصورة الكلية في أجزاء.
وهذه الأجزاء توفر على مستوى البناء النصي، المتتالي الموضوعي.
- سأغمس أبجديتي بعطرِ لظاكِ
- جئتك أخطو على لباس الصخور
- أتنفسُ رئةَ المكان
- أعانقُ الأملَ المسكوب
- أشاغبُ ثرثرةَ الأمواج
- أتمرغُ بزبدها.
- أتلو عليه وصايا البرِّ والبحر .
- أخطو على شفقِ السطور .
▪ يتابع على المستويين الدلالي والبنائي في إكمال رسم الصورة، عن طريق وصف الأفعال، (جئتك، أخطو، أتنفس، أعانق ، أشاغب ، أتمرغ ، أتلو).: وذلك لما تحمله الأفعال من إضفاء الحركة على الصورة .
▪وهناك صورة مركبة أقام فيها الشاعر أشرف كمال، علاقة بين ثلاثة أشياء: (الواصف، والموصوف، والمكان) عبر لغة شعرية جميلة تتجلى في قوله:
- أنتِ القبلةُ والكعبة
- أتعبدُ حسنكِ
تدعى هذه العملية الوصفية: “التعليق” Comment .
▪تتعدد مستويات العملية الوصفية في النص، فقد أراد شاعرنا أن يحقق متعة التشويق الوصفي، ورفد التصوير برافد جديد فلجأ إلى الاستعارات والانزياحات، ولا يخفى ماتحمله من وظيفة تظهر المنحى التأملي العشقي.
▪وأما الوحدة الوصفية المستقلة في ذاتها، التي اكتملت فيها مكونات الوصف فأتت في خاتمة القصيدة: قيامتي من الحاءِ والباءْ.
▪نستطيع القول: إن أشرف كمال وصل إلى مرحلة التماهي مع العشق، وتسامت به شاعريته.
وإلى نص ((تداعياتُ شغفٍ))
لا نساءَ بعدكِ يا شهقةَ الروحِ و مآلَ الشوقِ.
أنثايَ أجيبيني إن لم تكوني أّنتِ مَعشوقتي
فّلمَ الوريدُ باسمكِ يتشهدُ ؟
هذا العشقُ نارٌ تأكلُ في جسدي فيستعطفُ، و كحطب يتوقّدُ .
تحترقُ أضلعي في غيابكِ
فترفقي أنثاي بحقِّ الحبِّ أشفقي.
يتراقصُ ضياؤكِ بِمجرتي
جميعهنّ ظلامٌ إن لم
تشرقي.
دعيني أنهي مناسكَ القصيد
وأطوفكِ بينَ الحرفِ والحرفِ
حروفاً من شهب
تبدأُ بالحب وبالعشق تنتهي
سأغمس أبجديتي بعطرِ لظاكِ
وحدكِ أقمتِ حدودَ خارطتي
ورسمتِ شوارعَ مدينتي
وحدكِ سيدة قلبـي.
حبيبتي …
أحَتَاَجَ إلى لَغَةٍ مَخَتَلَفَةٍ
شَفَاَفَةٍ كَـقَلَبَيَ
ثَاَئَرَةٍ كأنَوثَتَكِ
أحتاجكِ معزوفةً غامضةً لتفكها أناملي
*********
من أىَّ عصــرٍ أتيت ِ
وفي عينيكِ كل ُّ
العصـــور؟
هربتِ من أي القصور؟
فانتِ القبلةُ والكعبّةُ
أتعبدُ حسنَكِ
يا امرأةً اختزلت في
حبها كلَّ قوافلِ النساء
إن كنتِ تهوين الحرائقَ
فاركعي على سجادِ بركاني
واسجنيني وصفدي معصمي ولا تتواني
أشعلي هدوئي بكبريتِ غيرتكِ المجنونة
طهري صمتي الخجولْ
واغسليني بماء مقلتيكِ
من آثامِ هفواتي .
أعلني الحروبَ يا سيدةَ الحياة الآتية
جئتك أخطو على لباس الصخور
أتنفسُ رئةَ المكان
أعانقُ الأملَ المسكوب
أشاغبُ ثرثرةَ الأمواج
أتمرغُ بزبدها
وأصارعُ رغوةَ الهواءْ
تاركاً خلفي ذاتي.
ثم أعودُ رافعاً رأسَ العنادْ
ِلأطاولَ الحلمَ في كبدِ السماءْ
أتلو عليه وصايا البرِّ
والبحر ِ ولغةَ والأنواءْ
أخطو على شفقِ السطورْ
بعبقِ عطرٍ يملأ الأجواءْ.
أنا يا امرأتي رجلٌ
لا يفنيه الفناءْ
وقيامتي من الحاءِ والباءْ.
Discussion about this post