مُذ بِدء الخَلٍيقة وقد سَنَّ الله سُنة الإختلاف بين [بني آدم] للتنوع والتعايش فيما بينهم، فقد قال جَلَّ عُلاه ” وَلَوْ شَاَءَ رَبُكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمةٌ واحِدةٌ وَلَا يَزَالوُنَ مُّخْتَلِفون” والإختلاف هنا مُقتضاه التكامل والتباين على عكس الخِلاف أي ” تفرق السُبُل، من المُخجل الآن أننا أصبحنا مجتمعات تُقدس التكرار والإعادة بل ونتمادي ونجعل من العادة عبادة، فقد أصبحنا مُجتمعاتٍ تُمجِدُ السذاجةُ والبلادة ،أضحى شِعارُنا : “لا للتغيير لا للتفرد فهذا نوعٌ من أنواعِ التمرد”..
وقد آل بنا الأمر إلى أن شوهّنا تلك السُنة الكونية التي فطرنا الخالق عليها وإمتطينا صهوة التقليد الغربي الأعمي على سبيلِ الرُقي وذلك للأسباب الآتية( بُعدنا عن مصدري التشريع [ كتاب_ سُنة] الذي بِهما يُقام أمر دِيننا ودُنيانا_ ضِعف شخصياتنا وقصورها وإحتياجها لمحاكاة الآخرين_وقوعنا فريسة للصلف والتكلف وإنعدام الكيان)..
وقد أصبحنا في عصر “الإستهلاك” حيث كل ما فيه مُستهلك ومسروق بطريقةٍ ما ك( المفاهيم- العادات- الأفكار- والثقافات) ، ومن المؤسف حقاً أننا كعرب عامة ومسلمين خاصة كان لنا قدم سبق في شتى المجالات، كُنا أرباب الحضارات ومنهل العلوم، فها هو رسولنا الكريم يُعطي العالم أجمع أجلّ الدروس في رِفعة الأخلاق والتسامح والإنسانية ، فَيتفق جُلَّ العُلماء والكُتاب ومؤرخين العالم على أنه أعظم رجل في التاريخ ،فقد قال الفيلسوف الإنجليزي [ برنارد شو] عن النبي صلى الله عليه وسلم “أنه مُنقذ البشرية وأن العالم أحوج ما يكون إلى رجُل في مثل تفكيره” ، ليس ذلك فقط فقد كان لعلماؤنا جُلَّ الفضل في شتى العلوم من حيث التأسيس وإرساء القواعد والنظريات، فها هو [أبو الأسود الدؤلي] مؤسس علم النحو،[والخوارزمي ]مؤسس علم الجبر ومُكتشف اللوغاريتمات ،[الفراهيدي] هو واضع علم العروض وهو أحد علوم اللغة العربية،[الكندي ]عالم عربي عظيم، برع في علم الكيمياء والفلك والفيزياء والرياضيات وعلم النفس والطب والمنطق، وقد اشتهر بعلم الكلام،[ وإبن البيطار] وإسهاماته الجليلة في علميَّ النبات والصيدلة ،وغيرهم الكثير من العلماء لم يتسني لي ذكرهم..
أمَّا أنا عِند ذِكر رأيي في مسألة التقليد الأعمى للغرب فانا لا أراه إلا إنه سَفْه وحُمق وضِعه غير أنه حيلة لدسُ السُمُ في العسل من قِبل الغرب حيث أنهم لا يصدرون لنا إلا الأمور المبتذلة ولا يروجون إلا لما فيه ضرر لنا لتضليلنا وإغوائنا لننحط أكثر فأكثر..
وهُنا سنذكر بعض نماذج التلقليد الأعمى علي سبيل الإستشهاد والإحتياط لعدم الوقوع فيها
1- جُمل العرب وحديثهم لا يكاد يخلو من كلمات أجنبية من باب التفتح وهنا أتساءل كيف للمرء أن يستبدل الذي هو أدني بالذي هو خير ؟! فاللغة العربية هي اللغة الأم الفصيحة وهي لغة القرآن الكريم..
2-إستعارة عادات ك{ أعياد الميلاد-إحتفال رأس السنة-المهرجانات السينيمائية-وغيرها} وإستعارة ومفاهيم مشوهه تحت مُسمي الحرية ك {حقوق المرأة – والمرونة المُتنكرة في زي التنطع والتمّيع- والعلمنة وفصل الدين عن الحياة}
3 – إستعارة نمط الحياة حيثُ الغلو البهرجة الكذّابة التي ألزمتنا التسخط وحصر السعادة فيها حتي الملابس في عُريها وإنكشافها مع غض الطرف عن كونها لا تُناسب ديننا وأعرافنا ..
ليس ذلك فقط فهناك العديد من الفتن التي البسها الغرب ثوب الإسلام كظلم المرأة أو أن الإسلام دين ذكوري وإرهابي وغيرها من المفتريات الجمَّة، أما عنَّا نحنُ فقط أصبحنا مسوخ وقطيع يَتْبع لا غرس يُشبع وإنفلتنا عن ديننا وأعرافنا شيئاً فشيء وأتحنا لهم سُوْقُنا كما الأغنام والإستيلاء على عقولنا وإستباحة أعراضنا وإنحططنا بذواتنا في غيابات الجُبّ وضلالات الفهم..
لذا في هذا الوقت تحديداً توجب علينا مهمتان هما( الحذر_ والتخير بدقه) مع عدم الإكتراث بالأكثر رواجاً ،فليس شرطاً أن تفعل الشيء [ لأجل الأكثر] بل إفعل فقط ما يُضفي عليك نفع مضبوط بدينك وعُرفك..
ولم يغفل ديننا عن التحذير من هذا الوباء فقد قال جلا جلاله” إتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء”
وقال مُعلمنا الأول صلى الله عليه وسلم ( إني لا أخاف على أمتي من بعدي إلا من أعمال ثلاثة ؛ قالوا وما هي يا رسول الله قال: زلة حاكم ،وحكم جائر ،ومُتبع هوى) ..
فلنبادر ما إستطعنا ترميم أعطابنا وبناء أنفسنا أخلاقياً وتربوياً والعودة لمصدري الوحي من حيث الفهم والتطبيق( القرآن-السنة)
Discussion about this post