بقلم د. عبد العزيز يوسف آغا.
حسب رأي عالم الاجتماع الأمريكي ” إريل فروم ” يتحدث فيه عن أن علاقة الإنسان بالطبيعة، راحت تتسم بالعداء والاحتقار معا : “إن علاقة الإنسان بالطبيعة، اتسمت بالعداء الألد … ظروف وجودنا تجعلنا جزءا منها، وموهبة العقل تجعلنا نتفوق ونعلو عليها، ومن ثم فقد حاولنا أن نحل معضلة وجودنا بنبذ رؤية الخلاص، المتمثلة في الانسجام بين الجنس البشري والطبيعة، واتجهنا نحو إخضاعها وقهرها، وتحويلها لخدمة أغراضنا، حتى أصبح هذا القهر مرادفا لتدمير الطبيعة.
إن روح العداء والإخضاع أعمتنا عن حقيقة أن للموارد الطبيعية حدودا يمكن أن تستنفد، وأنه سيأتي الوقت الذي سترد فيه الطبيعة على جشع الإنسان.
إن المجتمع الصناعي يحتقر الطبيعة، ويحتقر كل ما ليس من صنع الآلة، ويحتقر الشعوب التي لا تصنع الآلات، فالناس اليوم ينجذبون لكل ما هو ميكانيكي آلي، ولما لا حياة فيه، وينجذبون يوما بعد يوم للتدمير ” .
إن تلويث البيئة، يقوم به الإنسان الأكثر ترفا، فالفرد الأمريكي يعادل ألف هندي أو أفريقي، في هذا الميدان.
في بلد عربي أراد إقامة مصنع نسيج كبير، فوضعه على حافة نهر صغير، وبعد مدة، ونتيجة لإلقاء المخلفات الصناعية والأصباغ والزيوت، والمواد الكيماوية، تلوث ماء النهر فلم يعد صالحا لشرب الإنسان أو الحيوان، حتى الأسماك لم يعد بمقدورها العيش، وهكذا يفسد الإنسان الطبيعة! وقد سجل شاعر ذكي مثل هذا الفساد، فقال:
كلما أنبت الزمان قناة
ركب المرء في القناة سنانا
ينبت النبات، فيحول الإنسان بعضه إلى أداة قتل، وخلق الله الحديد، وجعل فيه بأسا، فصنع الإنسان منه الدبابة والمدفع والقنبلة، وكان بإمكانه أن يصنع محراثا أو آلة للحصاد، أو وسيلة لنقل الماء.
ولعل الأقبح من كل ذلك ما ينشره الإنسان من فساد في الكون وإفساد، ومن عبث، ربما كان الاستنساخ من أواخر نماذجه.
هناك اليوم ملايين من البشر بحاجة إلى الطعام والدواء واللباس، وهناك ملايين الحيوانات تموت جوعا وعطشا، على حين ينفق المترفون المليارات على تدخين السجاير، أو حرب النجوم، أو إرسال مركبات فضائية تكلفة الواحدة تكفي لإطعام مليون جائع، وبناء ألف مستوصف.
إن ثمن دبابة قاتلة يبني أكثر من مدرسة، ويوفر الطعام والدواء لألوف الجياع، فلماذا يجنح “المترفون ” للشر والعبث؟!
لماذا تتصاعد الغازات بهذه الكثرة حتى تحدث ثقبا في طبقة الأوزون عمرها ملايين السنين؟
الإنسان المترف صار العدو الأول للطبيعة، يعبث فيها عبثا مخيفا فالغابات -على سبيل المثال- تعيش مرحلة الفناء التدريجي، ذلك أن ثلث الأشجار التي كانت موجودة عام 1882م، ومساحتها حوالي ملياران من الهكتارات، قد أزيلت حتى عام 1952م. والإتلاف مستمر وآخذ بالاتساع، كل دقيقة يتلف الإنسان عشرين هكتارا من الغابات في العالم.
إن كمية الورق اللازم لعدد “الأحد ” من صحيفة نيويورك تايمز، والذي يحتوي على ثمانين بالمائة من الإعلانات الدعائية، يتطلب قطع (15) هكتارا من الغابات الكندية، كما يتطلب العدد اليومي (6) هكتارات، فاجتثاث الإحراج الجاري بلا روية ولا تبصر من أطراف الهملايا، يحدث اليوم فيضانات مدمرة في بنغلاديش ، كما تولد الزراعة الموروثة عن الاستعمار ألوان الجفاف في الساحل” .
وأخيرا: لماذا يصر هذا المترف على القول: بأنه يقهر الطبيعية؟! ألا يكفيه قهر البشر، حتى توجه إلى الطبيعة ليقهرها؟!
على طريق النور نسير،،،،
وعلى المحبة نلتقي،،،،
Discussion about this post