خواطر بقلم: طارق حنفي
كاتب وأديب مصري
(إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ
يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا)
إن مغفرة الله لعبد من عباده في معناها: تجاوزه
-سبحانه وتعالى- عن ذنوب هذا العبد وعدم تعذيبه بها..
ومعنى الشرك بالله: اتخاذ شريك لله في العبادة، يعبده الْمُشْرِك مع الله أو يعبده بديلًا عن الله.
لكن لماذا قد يغفر الله كل الذنوب لمن يشاء من عباده
إلا الشرك به -سبحانه-؟
من كرم الله على عباده أنه يتجاوز عن تفريط العباد
في حقه هو -سبحانه- عليهم، كأن يفعل العبد معصية
أو لا يطيع أوامر الله، فإن الله -سبحانه وتعالى- برحمته
التي وسعت كل شيء يغفر إن شاء حين يشاء لمن
يشاء..
لكنه -سبحانه- لا يغفر ظلمًا ارتكبه عبد ما في حق عبد
آخر، إلا إذا عفا العبد المظلوم أولا عن الظالم.
والشرك بالله في حقيقته ظلم للشريك نفسه وافتراء عليه؛ فقد لا يعلم الشريك أن هناك من يعبده، حتى إذا علم فهو في الغالب لا يملك قدرة الدفاع عن نفسه، وقد لا يملك -مجرد- القدرة على التعبير عما تشعر به فطرته السليمة التي فطره الله عليها، بأنه عبد طائع لأمر الله..
كما أنه أذى وظلم لفطرة جميع المخلوقات غير المكلفة في السماوات والأرض، والتي تسمع من الْمُشْرِك مثل هذا الافتراء على الله (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ﴿90﴾ أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا).
ولكي يغفر الله للْمُشْرِك فلا بد من أن تعفو تلك المخلوقات عنه أولًا، وهو ما لا تعيه هي بذاتها، ولا بد من أن يعفو عنه من اتخذه الْمُشْرِك شريكا لله وهو ما لا يملكه، لأنه لو كان الْمُشْرَك به يملك أن يعفو في هذا الأمر بالذات، لكان بالفعل إله..
إن الشرك بالله من مظالم العباد، ولكي يغفره الله لا بد
من أن تتنازل العباد عن حقها أولا وهو ما لن يحدث أبدا كما بينا.
وصل اللهم وسلم وبارك على الحبيب المصطفى الأمين وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
طارق حنفي
Discussion about this post