كن منهم
إن حياة المؤمن مبنية على العطاء، يعطي وقته، يعطي علمه، ويعطي ماله، ويعطي خبرته؛ فيعلم الناس ورزقه على الله.
فللإنسان مقام عند الله يصل إليه بالعمل الصالح أو بالصبر على المصائب: «ومن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته..»
لقد أمرنا الله بأوامر كثيرة في كتابه العزيزة وكلها تعود على الفرد والمجتمع بالخير؛ إذ لا يأمر الله إلا بما فيه مصلحة العبد، ومن هذه الأوامر الإلهية قوله تعالى:
« وتعاونوا على البر والتقوى»
فهذا أمر من الله لعباده أن يتعاونوا في كل أعمال البر والخير، وخير تطبيق على ذلك، ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم من: مؤاخاة المهاجرين والأنصار في بداية الهجرة، فكان أفضل تعاون عرفته البشرية، وأفضل إخاء طبق إلى يومنا هذا، وقد قال صلوات ربي وسلامه عليه: «ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به».
حتى لقد ورد التعاون في العبادات لقول النبي صلى الله عليه وسلم « صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ أي الفرد بسبع وعشرين درجة»
فالعطاء والتعاون مهما كانا صغيرين أو كبيرين فهما أفضل عند الله من عدم العطاء،
والعمل التطوعي ركن أساسي في تنمية المجتمع والنهوض به وذلك من خلال الأنشطة التي يؤديها سواء في مجال التعليم، أو الصحة أو في تنمية المجتمع، أو مجال الحفاظ على البيئة من التلوث، وملف ذوي الهمم وغير ذلك من المجالات الكثيرة التطوعية التي لا تحصى ولا تعد.
ولأهمية التطوع فقد تحدث فيه المفكرون والعلماء منذ أرسطو، ودي توكفيل، وبيبر بورديو…
وغيرهم كثر، واعتبروه رأس مال اجتماعي وإنساني واقتصادي، والدليل على أهميته يكفي أن نعرف أن مساهمة الأفراد في التطوع في أميركا 8 مليارات ساعة عمل تطوعي بقيمة اقتصادية 162 مليار دولار أمريكي، ويشارك أكثر من 100 مليون مواطن في أنشطة التطوع في الاتحاد الأوروبي، وفي كندا يشارك 13،3 مليون شخص بأكثر من 2،7 مليار ساعة عمل تطوعي، وفي بريطانيا ينتج العمل التطوعي 24 مليار جنيه إسترليني من الناتج الاقتصادي.
أما في العالم العربي تحديدا فلا نجد إحصائية واضحة عن المساهمة الاقتصادية للتطوع رغم انتشار كافة أشكال التطوع الفردي والمؤسسي.
إن في قضاء حوائج الناس تحقيق التكافل والتعاون، وبقاء الألفة، وإظهار الأخوة، ونفع الناس ودعمهم، والسعي في كشف كربهم، كل ذلك من صفات الأنبياء والرسل، ودليل على الأصل الطيب، والمنبت النقي، والقلب الصافي، والسريرة الحسنة، فيرحم الله من عباده الرحماء خاصة أننا على أعتاب شهر كريم نجود فيه تأسيا بالرسول الذي كان أجود من الريح المرسلة، ونقضي حوائج الفقراء والمساكين ونتكفل بالأيتام، وندخل السرور على قلوب المسلمين؛ لما فيه المنفعة،
فقد كان عمر بن الخطاب يتعاهد الأرامل فيسقي لهن الماء ليلا، وكان يسابق أبا بكر في خدمة العجوز الكفيفة.
فلله أقوام يختصهم بالنعم لمنافع العباد
اللهم اجعلنا منهم يارب العالمين
د. هند خليل مروان
Discussion about this post