لا أعتقد أننا سنتوقف عن ذلك ، لسبب بسيط جداً وهو أننا لانشعر بالإهانة ، فحين تحط مركبة فضائية للغرب على المريخ لانشعر بالإهانة ، وحين يخترعون أجيالاً متلاحقة من هواتف الموبايل الذكية فيها العجب نستعملها بإسراف ولانشعر بالإهانة ، وحين يكون اقتصاد شركة واحدة من شركات الغرب معادلاً لكل الدخل القومي لبلداننا العربية بما فيها النفطية فلا نشعر بالإهانة ، وحين ينافس اليابانيون الغرب في صناعتهم لانشعر بالإهانة ، وحين نفشل في كل حروبنا لانشعر بالإهانة ، ويقيناً أننا حين نكتشف بأننا كشعوب أو دول لم ندخل التاريخ الحديث وأننا مازلنا نراوح ونتراجع في العصر الوسيط فإننا لانشعر بالإهانة .
وأخيراً لانشعر بالإهانة عندما نصفق لمذابح القاعدة أو داعش ، ولانشعر بالإهانة عندما ننتظر دولة الخلافة ، ولانشعر بالإهانة عندما تتشرد شعوبنا في أوطانها قبل ان تتشرد في العالم ، ولا نشعر باالاهانة واخواننا في غزة اجتمع الجميع على تدميرهم تحت انظارنا نرى اخواننا يموتون ولا نشعر بالاهانة نرى ديننا يحارب ولا نشعر بالاهانة يصفوننا بالرجعيين والمتخلفين ولا نشعر بالاهانة!
أنا أبشرك وأبشر عالمنا العربي والإسلامي بهزائم لانظير لها في المستقبل القريب لأننا لانشعر بالإهانة.
نحن كنا أغبياء و جبناء، وكانوا هم أذكياء و جبابرة… تنازلنا عن حقوقنا طواعية.. و كانوا أذكياء في أن يضعوا أيديهم على أي شيء ليس له مالك او لم يعلم مالكه بانه يملكه.. و هكذا أصبحنا في وضع غير متكافئ.. ليس من حيث الملكية.. و إنما من حيث معرفة ما لنا و ما لهم … والجهل هو دائما الوجه الاخر للعبودية.. و لذلك انتهينا إلى الوضع الذي وصلنا إليه..!”
فقد أصبح المجتمع العربي مجتمعا بعد هذا مغتربا عاجزا عن الاستفاقة منذ اللحظة التي فقد فيها التحكم في حريته وموارده ومصيره ، وهي لحظة تعكس بصدق سيطرة المجتمع السياسي على المجتمع المدني وامحاء هذا الأخير واندحاره أمام سلطة المجتمع السياسي.
إننا اليوم تائهين بلا بوصلة نمارس الحداثة الغربية ، على مستوى “تحسين” الحياة اليومية بوسائلها ومنتجاتها التكنولوجية والعلمية وووو، لكننا نرفضها على مستوى “تحسين” الفكر والعقل، ودراسة وسائل هذا التحسين، أي أننا نأخذ المنجزات ونرفض المبادئ العقلية التي أدت إلى ابتكارها.
” فبين الإنبهار و الفهم وجدنا المسلم لا يكترث بمعرفة كيف تم إبداع الشيء..
بل قنع بمعرفة طريقة الحصول عليه ” !
إنه التلفيق الذي ينخر ذهن الإنسان العربي من الداخل.
ان الهوة التي تفصلنا عن الحضارة كبيرة جدا؛ وهي في اتساع كل يوم ولن نشعر بحجمها الا اذا نضبت مواردنا الطبيعية التي نشتري بها اليوم منتجات الحضارة الغربية من غذاء و كساء ودواء وادوات
ويصدق فينا المثل القائل * المكسي بمتاع الناس عريان *
ان نفذت مواردنا سنتعرى ونعود الى زمن القبيلة والحياة البدائية
ونلبس ملابس تقليدية من نسجنا للصوف والجلود لقد ضيعنا حتى القدرة على الانتاج التقليدي البسيط
هذه نتيجة الاعتماد على الريع والثروات الباطنية فقط واهمال الانسان وقدراته ونتيجة التسيير والقيادة السفيهة هذه بكل بساطة نتيجة الامبالاة العامة.
حضارتنا ليست مجرّد حضارة مهزومة، بل إنّها حضارة مريضة. يظهر مرضُها في السلوك اليوميّ، والمفاهيم، والخطب، والنّصائح، والأمثال. نحن ننتمي إلى حضارة مريضة .
ان الأمة تحتاج إلى طبيب يفحص أمراضها الفكرية و الحضارية .
نحن العرب حضارتنا مريضة هذا و إن كان لدينا حضارة أساسا فهي حضارة بالية .
العالم يتغير بسرعة خيالية و نحن مازلنا نردد و نقول نحن على خطى آبائنا الأولين ، و لو كانوا لا يفقهون شيئا و لا يهتدون .
يجب أن نستيقظ ، أن نداوي جروحنا ، أن نجد دواء لأمراضنا القديمة .
فالأسوأ من المرض هو أن لا تعرف أنك مريض و أنت مريض ..
لن يكون هناك أي انتصار حقيقي لأي مجتمع يعيش في الرمزيات والانتصارات الوهمية، بعيدًا عن الأفعال المدروسة والانتصارات الحقيقية. لذلك، التحول من التركيز على الرمزية والمعنى المجازي إلى التركيز على النتائج والتأثيرات الفعلية للفعل هو أول خطوة أمام هذه المجتمعات. بمعنى آخر، التحول من النظر إلى الدلالات المعنوية للفعل إلى النظر في العواقب الواقعية والنتائج الملموسة له، يجعل هذه المجتمعات والدول تنتقل من التفاعل العاطفي غير المدروس مع الأحداث إلى التفاعل العقلاني الموضوعي معها، وبالتالي وضع أهداف استراتيجية على المدى البعيد مدروسة بعناية، واعتبار الأحداث التي تتخلل مرحلة العمل على هذه الأهداف مجرد نتائج لسياسات خاطئة في الماضي، قد فات الأوان على تجنبها.
“علينا أن نتعاون، لأن السفينة تغرق، والبيت يحترق، نحن اليوم نحاول إنقاذ السفينة، ونحن نحاول إطفاء الحريق الذي اشتعل في البيت؛ فنحن إطفائيون إنقاذيون، ليست لدينا سفينة نوح فعلينا أن نتضامن جميعاً، وأن تتكامل أدوارنا طبقاً لمستوياتنا ووظائفنا،فنحن في سباق مع الزمن إما أن نقتل التخلف أو يقتلنا التاريخ .
Discussion about this post