الكثير من حولنا يتحدث عن الانسانية وحقوق الانسان ويهتفون بها ويطلقون لها الاشعارات ويرفعون لها الكثير من اللافتات , حتي انه يقام لها ندوات ومؤتمرات خاصة , ووضع للانسانية اكثر من مصطلح فمنهم من قال ان الانسانية هي اعتقاد نشط بقيمة الحياة البشرية , حيث يمارس البشر المعاملة الكريمة ويقدمون المساعدة للبشر الآخرين لتقليل المعاناة وتحسين ظروف الإنسانية لأسباب أخلاقية وإيثارية ومنطقية.
وقيل عن حقوق الانسان انها هي المباديء الاخلاقية او المعايير الاجتماعية التي تصف نموذجا للسلوك البشري الذي يفهم عموما بأنه مجموعة من الحقوق الاساسية التي لا يجوز المس بها وهي مستحقة واصلية لكل شخص لمجرد كونه انسان .
والبعض عرف الانسانية من وجهة نظر فلسفية , حتي ان هناك مذهب كامل اسمة ” المذهب الانساني ” او ” الانسانوية ” , والذي اتخذ اتجاة عقدي مخالف للعقيدة الاسلامية
ولقد وضع لحقوق الانسان عدة مباديء منها : ( الشمولية ، حقوق الانسان متكاملة ، المساواة وعدم التميز ، الحق في صنع القرار ، المساءلة وسيادة القانون )
ولكن هل كل ما يقال حول الانسانية وحقوق الانسان صحيح ؟ هل المباديء والقوانين والتعريفات التي وضعت حول الانسانية جاءت مستوفية وشارحة لمعني الانسانية وموضحة لها بشكل كامل ؟ ام ان كل هذا خرافات واشعارات كاذبة ؟
وضع الغرب مصطلح الانسانية وقالوا بحقوق الانسان , وحين نتحدث نحن العرب نكتفي بنقل ما قيل في الغرب لماذا لا ننطلق ونضع تعريف للانسانية من خلال الاسلام والذي جاء ليعم الانسانية جمعاء وينشر المساواة والعدل في كل بقاع الارض .
فالانسانية في الاسلام هي نتيجة طبيعية لمشروع متكامل محرّكه وجوهره ومقصده بناء الإنسان , فالانسانية في الاسلام هو ركن عقدي وواقع تطبيقي.
فمعني الانسانيه الحقيقي يكمن في القران وسنه النبي صلى الله عليه وسلم الذي يجب أن نقتدي به ونهتدي لهديه ونتحلي بأخلاقه .
القران الكريم هو كتاب الانسانية فهو منهج حياة المسلمين، ومنبع حضارتهم، ودليل إنسانيتهم، وسمت إسلامهم كله؛ ففيه العقيدة، وبه التشريعات، وبين ثنايا آياته الحكيمة تجد أخلاقًا وسماتٍ وسلوكيات راقية تجلب النفع للبشرية جمعاء، فضلًا عن المسلمين .
فهو الكتاب الحقّ الذي ورد فيه ذكر «الناس» قرابة 340 مرة، وذُكر فيها «الإنسان» أكثر من 60 مرة، ووردت فيه كلمة «البشر» بألفاظ مختلفة قرابة 37 مرة، وهناك سورة كاملة في القرآن اسمها ” الإنسان ” …
ولقد تعني الانسانية في القران الأدب واللطف والرفق والرحمة والأخلاق الحميدة ، التي تحتوي على معاني التآخي الإنساني والنصرة والنجدة للآخرين
كما تعني التعايش السلمي المشترك بين أبناء المجتمع، إنه دعوة عالمية للتعارف والتآخي العام، حيث يقول المولى الكريم: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} ]الحجرات: 13[
ويمكننا تعلم الانسانية من النبي الانسان
الذي بعث ليتمم مكارم الاخلاق , فهو نبيّ الأخلاق، ورسول الرحمة ، وصاحب الإنسانية الراقية , فنجد انسانية النبي في كافة شؤون الحياة , فها هو الرسول -عليه الصّلاة والسّلام- يصف نفسه في تعاملة مع اهل بيتة ، -فيما رواه ابن ماجه والترمذي بإسناد صحيح- عنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي»..
فلقد كان يخيط ثوبه، ويحلب شاته، ويساعد أهله في البيت في الطعام والشراب , كان ضحّاكًا بسّامًا، يضاحكهم ويلاعبهم ويسابقهم ويتودّد إلي اهل بيته
كما نجد انسانيته صلي الله عليه وسلم في نصرة المظلوم
ها هو عربيّ يستنجد بأي أحد ينصره ويأتي له بماله من العاص بن وائل، فلا يتحرّك لها أحد، هل عقم العرب أن يخرجوا رجلًا إنسانًا، ما عقم العرب!! فلقد اجتمع كبار القوم في دار «عبدالله بن جُدعان» فيما عُرف في السير بـــ «حِلف الفُضول»، وتحالفوا على نصرة المظلوم، ويحضر معهم الرسول،؛ نصرة لذاك المظلوم، إنه إنسان، ويوم أن هاجر النبيّ إلى المدينة، أخذ يحدّث بخبر هذا الحلف، فيقول: «لقد دعيت في الجاهلية إلى حلف عبدالله بن جدعان، لو دعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت».. إنها الإنسانية التي يفتقدها العالم المدعي للمدنية والتحضّر في العصر الحديث..
وايضا انسانيته صلي الله عليه وسلم في الحرب , وهذا اكبر دليل علي الانسانية فكل منا قد تظهر منه بعض المساوء تجاه عدوه الا ان النبي صلي الله عليه وسلم كان ارحم الناس بأعدائة فكان عفوا كريما لا ينتقم الا ممن اذي الله تعالي وتعرض لشريعته
ومن مواقف النبي صلي الله عليه وسلم الانسانية مع اعدائه :
عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا بعث جيوشه قال: ( اخرجوا بسم الله، تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا الولدان، ولا أصحاب الصوامع ) رواه أحمد .
وعن رباح بن الربيع بن صيفي قال: ( كنا مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غزوة، فرأى الناس مجتمعين على شيء، فبعث رجلا، فقال: انظر على ما اجتمع هؤلاء؟، فجاء، فقال: امرأة قتيل، فقال: ما كانت هذه لتقاتل، وعلى المقدمة خالد بن الوليد، فبعث رجلا، فقال: قل لخالد: لا يقتلن امرأة، ولا عسيفا “أجيرا” ) رواه أبو داود .
وعن إنسانيته يوم الطائف -وقد عُذّب وتسفه القوم عليه- ويأتي ملك الجبال، فيخبره بأنه إذا أراد أو أمر أن يُطبق عليهم الجبال لفعل، إلا أنه صاحب الإنسانية، التي تفكر للمستقبل وللأجيال القادمة، فقال: (لا؛ فإني لأرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبُد الله ويوحِّده)..
وفي يوم الفتح؛ حين أتاه القوم، وهو الفاتح المظفّر، وتوقعوا الهلاك والقتل، إلا أنه يسألهم بنبرة المتواضع لا المتكبر، بنبرة الإنسان الذي يشعر بالضعيف في موطن ضعفه وانكساره: ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، فقال لهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء..
ومن إنسانيته مع أعدائه: أنه كان ينادي عظماء القوم برتبهم الملكية، فوجدناه في رسائله إلى الملوك والعظماء والرؤساء، يقول: من محمد بن عبدالله إلى هرقل عظيم الروم، إلى المقوقس عظيم القِبط، إلى كسرى عظيم فارس……..
إنها إنسانية الرسول الإنسان …
مات رسول الله وما ماتت إنسانيته ،،، ونحن أحياء لكن ماتت إنسانيتنا…!!!
Discussion about this post