بقلم الباحث الإجتماعي بوخالفة كريم … الجزائر
كلّما ازداد الإنسان غباوة .. ازداد يقيناً بأنه أفضل من غيره في كل شيئ. الإنسان مجبور أن يرى الحقيقة من خلال مصلحته ومألوفات محيطه؛ فإذا إتحدت مصلحته مع تلك المألوفات الإجتماعية صعب عليه أن يعترف بالحقيقة المخالفة لهما ولو كانت ساطعة كالشمس في رابعة النهار.
-ينبغي أن نميز بين المتعلم والمثقف، فالمتعلم هو من تعلم أموراً لم تخرج عن نطاق الإطار الفكري الذي اعتاد عليه منذ صغره، فهو لم يزدد من العلم إلا مازاد في تعصبه وضيّق في مجال نظره. هو قد آمن برأي من الآراء أو مذهب من المذاهب فأخذ يسعى وراء المعلومات التي تؤيده في رأيه وتحرّضه على الكفاح في سبيله. أما المثقف فهو يمتاز بمرونة رأيه وباستعداده لتلقي كل فكرة جديدة وللتأمل فيها ولتملي وجه الصواب منها.
-إن العقل البشري يشبه جبل الجليد العائم في المياه القطبية حيث يختفي منه تحت سطح الماء تسعة أعشاره ، ولا يظهر منه للعيان سوى عشر واحد، ومعنى هذا أن الأجزاء المختفية من العقل هي التي تقرر سلوك الإنسان، أما الجزء الظاهر من العقل فليس سوى برقع يحاول الإنسان أن يغطي به سلوكه الشاذ.
-الإنسان لا يفكر بعقله المجرد، بل هو يفكر بعقل مجتمعه. فهو ينظر في الأمور، ويميز بين الحسن والقبيح منها، حسب ما يوحي به المجتمع إليه، إن تفكيره يجري في نطاق القوالب والخطوط التي صنعها المجتمع له…لا ننكر وجود أفراد خرجوا على قيم مجتمعهم وإطاره الفكري وهذا أمر يكثر حدوثه في المجتمعات “المفتوحة” التي تتصارع فيها الأفكار وتلتقي فيها الاتجاهات المختلفة. أما في المجتمعات “المغلقة” التي تعيش في عزلة نسبية، وتسيطر عليها ثقافة اجتماعية موحدة، فمن الصعب على الإنسان أن يفكر أو يسلك خلاف ما اعتاد عليه ونشأ فيه.
-التنويم الاجتماعي له أثر بالغ في شل التفكير، فالذي يقع تحت وطأته لا يستطيع ان يفكر الا في حدود ما يملي عليه الايحاء التنويمي العام وأنت لا تستطيع أن تجادله أو تباحثه مهما يكن دليلك إليه صارخا ان إطاره العقلي مغلق بشكل لا ينفذ إليه اي برهان مهما كان ومنه
يصح القول ان التنويم الاجتماعي موجود أينما وجد الانسان، ولا بد لكل انسان ان يقع تحت وطأته قليلا او كثيرا، وكلما ازدادت ثقافة الناس وتفتحت عقولهم ضعف فيهم اثر التنويم وقلت مخاطره.
-مشكلة الناس بوجه عام أنهم يتوقعون من كل إنسان أن يكون مثلهم في عاداته وأفكاره، وعند هذا يسمونه ”عاقلاً“. وهم لا يكادون يلمحون فيه شيئًا من الشذوذ عن مألوفاتهم حتى يسخروا منه ويصفونه بالجنون، إنهم لا يبالون عندئذٍ أن يكون هذا الإنسان مجنونًا حقًا أو عبقريًا، فإذا أتضح لهم أخيرًا أن شذوذه كان من النوع العالي، وأنه كان مبدعًا جبارًا، تحولوا إلى تعظيمه بعدما كانوا يسخرون منه. والناس يفعلون ذلك مرة بعد مرة على توالي الأجيال دون حياء أو ندم.
Discussion about this post