أصبح مفهوم الصدام و الحوار والصراع بين الحضارات والثقافات من المفاهيم والمواضيع الأكثر تداولا ويحتلان مكان الصدارة في اهتمامات العديد من المفكرين حول العالم، حيث نجد أنه هناك نوع من العلاقة الجدلية بين الصدام والصراع والحوار الحضاري، فكلما تراجع الحوار حل محله الصراع، وكلما تقدم الحوار تراجع الصراع.
يعرف صراع الحضارات بأنّه عبارة عن إطار تَحاوري بين عددٍ من الثقافات المختلفة فيما بينها، نظراً لسعي كلٍّ منها إلى فرض ذاتها وثقافتها على الأخرى، ومن ثم يُهيمن الصراع الرهيب والطغيان الإنساني على هذه الحضارات.
وبالتالي يمكن القول أن الصراع هو نزاع ناتج عن الاختلاف جراء تباين الرؤى والعقائد والأفكار والبرامج والمصالح بين مجموعتين أو أكثر.
حيث إن فكرة الصدام و الحوار والصراع الحضاري، أجمع كانت بمثابة رد فعل على مقولة “صدام الحضارات التي نشرها المفكر الأمريكي صمويل هنتنجتون الذي يعتمد في تفسيره على (الصدام) كتعبير عن لحظة الصراع الذي يجري وسيستمر في أرض الواقع، وكان البديل للرد على هذه الفكرة هي الحوار الحضاري، فالحضارات تتحاور ولا تتصادم وهو السبيل إلى نظام عالمي جديد.
وقد تبني هنتنجتون فكرة اعتبار الحضارة والثقافة العامل الجديد الذي سيتحكم في صيرورة العلاقات الدولية، وستكون الاختلافات الثقافية المحرك الرئيسي للنزاعات بين البشر في السنين القادمة، ويتحول العالم من صراع الأيديولوجيات إلى صراع الثقافات، وسيهيمن صدام الحضارات على السياسة العالمية، وستكون خطوط الصراع بين الحضارات خطوط المعركة في المستقبل.
إن فكرة صراع الحضارات الذي تنبأ بها هنتنجتون في عام 1993،تبدو كفكرة خاطئة و لن تستمر طويلاً وبها عوار فكري لأنها تتصادم مع العلاقات الاقتصادية المعقدة والمتداخلة والمصالح، وبحكم الانفتاح الثقافي والفكري الواسع الذي نعيشه اليوم، في ظل الفضاءات المفتوحة نكون أقرب إلى تحقيق مقولة “القرية الكونية الواحدة”، التي تواجه مصير واحد لمواجهة أي خطر يهدّد كوكب الارض ومن عليه ولكن لو لاحظنا الاحداث الاخيرة في غزة نرى فكرة الصراع الحضاري واضحة.
إن صراع الحضارات يدعو للعودة إلى ”شريعة الذئاب“، حيث تتحول الدعوة إلى الانفتاح والعولمة إلى أيديولوجية صارمة يجب أن يخضع لها الجميع، وإلا فإن قانون الغاب سيتكفّل بالعقاب.
ففي الغالب أن القوي هو الذي يفرض ما يريد والحضارة القوية لا تحاور بل تهيمن، ولا تتأثر بغيرها بل تنتج مؤثرات على الغير، والحضارة الراكدة لا تحاور أيضاً، بل تستقبل كجهاز استقبال ليس إلا.
ربما يخفي الحديث عن ”حوار الحضارات “حقيقة ما تتعرض له معظم ثقافات العالم من انسحاق وتهديد بالتفكك والدمار نتيجة الانفتاح والعولمة ، ولكنه يوحي ولو شكلياً بتساوي الثقافات ونديتها، وهو بلا شكّ إيحاء غير صادق لا علاقة له بالواقع، بل إنه رد فعل وهمي على الشعور بالسيطرة الثقافية
وهنا تجدر الإشارة إلى قضية مهمة للغاية، أننا لن نستطيع الحديث عن حوار ثقافي حضاري مع الآخر إذا لم نتمكن من إنجاز حوار ثقافي مع الداخل، أي داخل كل حضارة بمفردها، فعلاقات الحوار الداخلي التي تنطوي على التعددية وعلى الاعتراف بالآخر، واحترام الحقوق والحريات وأعمال المواطنة، هي التي يجب أن تكون المهيمنة على العلاقات الداخلية قبل الخارجية، وهي وحدها الكفيلة بتكوين ” ذات كلية “ أو جماعية، ولو نسبياً، يمكن بالاستناد إليها أن نتحول من الحوار في الداخل إلى قيادة الحوار أو الصراع مع الخارج بشكل ناجح ومثمر.
الغرب يمتلك أدوات أخرى غير الأسـلـحـة ليحـاربنا بها. الثقافه هي أول وأكبر أداه يمتلكها الغرب منذ قرون فهم يكتبون التاريخ ويصيغون النظريات التي على أساسها تقام دول وأنظمه اقتصادية تتحكم في العالم أجمع.
مثال على أهم وأخطر الكتب التي تتحكم في المشهد الحالي هو كتاب صراع الحضارات “لصامويل هانتنجتن” وهو باحث سياسى أمريكي يقدم أطروحته الأساسية وهى أن أهم اختلاف بين الشعوب حاليًا هو اختلاف ثقافى و أن الحرب ليست عسكرية بل حرب ثقافية بين الحضارات، ولم يعط المؤلف أي اهتمام لأي حضاره كما أعطى للإسلام الذي حذر منه قادة الغرب وأخبرهم أن التعامل مع المسلمين لا مانع أن يتحكم فيه ازدواجية المعايير. أي أن قيم الحرية والمساواه وحقوق الإنسان التي يدّعيها الغرب لا يستحق المسلمون أن تُطبق عليهم وأن العالم يحكمه صراع يضع التحكم في مجريات الأمور في يد الأقوى
وكان أثر الكتاب كبيرا فى كل النظريات والنظم السياسية حتى أن بعض الباحثين يذهبون إلى أن ما نحن فيه الآن من صراع بين الشرق والغرب جزء منه يأتى من الإيمان بما فى ذلك الكتاب.
ان مايجري في غزة من ابادة جماعية وتحت انظار العالم وبمساعدة ودعم غير محدود من الغرب الان لدليل قاطع بانه صراع الحضارات وهو اكثر من صدام ؟
يرى صامويل هنتنجتون في كتابه (صراع الحضارات) أنَّ الصّراعات التي سوف تنشأ بعد الحرب الباردة سوف تكون صراعاتٍ حضاريّة ذات أسباب ثقافيّة، ودينيّة وليست صراعاتٍ قوميّةً ذات عوامل سياسيّة، أو أيدولوجيّة، أو حتى اقتصاديّة،
رغم مرور أكثر من عشر سنوات على طرح صموئيل هنتنغتون نظريته حول صدام الحضارات، إلا أن النظرية لا تزال تلقى رواجا كبيرا
إن أكثر الصراعات انتشارا وأهمية وخطورة لن تكون بين طبقات اجتماعية غنية وفقيرة, أو جماعات أخرى محددة على أسس اقتصادية, ولكن بين شعوب تنتمي إلى هويات ثقافية مختلفة
وعززت أحداث 11 سبتمبر 2001 من النظرية بالشكل الذي ذهب معه الكثيرون في الغرب إلى أن هذه الأحداث تؤكد صحتها وأن الصدام لم يعد يقع في إطار الفكر، وإنما حدث بالفعل في إطار الواقع. وبغض النظر عن المواقف المختلفة من النظرية ما بين رافض ومؤيد، فإن التعامل معها ينبغي أن يتم في إطار نظرة شاملة لعلاقات الغرب مع العالم الإسلامي بشكل خاص وفي ضوء التطورات التي يحياها العالم والتي تجعل من الولايات المتحدة القوة المهيمنة عالمياً.
“صدام الحضارات وإعادة تشكيل النظام العالمي”، المحرك الرئيسي للنزاعات بين البشر في السنين القادمة.
في عام 1993، أثار هنتغتون جدلاً كبيراً في أوساط منظري السياسة الدولية بكتابته مقالة بعنوان صراع الحضارات في مجلة فورين آفيرز، وهي كانت رداً مباشراً على أطروحة تلميذه فرانسيس فوكوياما المعنونة نهاية التاريخ والإنسان الأخير. جادل فرانسيس فوكوياما في نهاية التاريخ والإنسان الأخير بأنه وبنهاية الحرب الباردة، ستكون الديمقراطية الليبرالية الشكل الغالب على الأنظمة حول العالم. هنتغتون من جانبه اعتبرها نظرة قاصرة، وجادل بأن صراعات مابعد الحرب الباردة لن تكون بين الدول القومية وإختلافاتها السياسية والإقتصادية، بل ستكون الاختلافات الثقافية المحرك الرئيسي للنزاعات بين البشر في السنين القادمة. توسع هنتغتون في مقالته وألف كتاباً بعنوان صراع الحضارات وإعادة تشكيل النظام العالمي جادل فيه بأنه وخلال الحرب الباردة، كان النزاع آيديولوجياً بين الرأسمالية والشيوعية ولكن النزاع القادم سيتخذ شكلاً مختلفاً ويكون بين حضارات محتملة بين الاسلام والمسيحية.
الغرب ولسنوات طويلة يعيب علينا الأيدلوجيات الدينية والقومية ويتفاخر بقيم الفردانية والليبرالية والديمقراطية، وعند أول معترك يرمي بكل قيمه في مزابل الحاضر ويستحضر على وجه السرعة صراع الحضارات والأديان، قالها صموئيل هنتغتون سيبقى الصراع الأبدي صراعاً بين الحضارات.
وان اداة هذا الصراع الحضاري اليوم هي إسرائيل فامريكا تريد جعلها دولة دينية تعمل لصالحها في الشرق الاوسط
فكثيرا من الدراسات التي انطلقت من تساؤل رئيسي حول علاقة اليهود بالولايات المتحدة الامريكية مفاده: من يستعمل من هل الولايات المتحدة الامريكية تستخدم إسرائيل من اجل استعمالها لمصالحها او كقاعدة في الشرق الاوسط تتحرك منها ام اسرائيل هي من تستعمل امريكا لصالح اهدافها كقيام دولتها مثلا؟؟؟
وهذه الدراسات انطلقت من ملاحظة للنفوذ اليهودي في الادارة الامريكية
وإكتشفت في الاخير ان الولايات المتحدة الامريكية لها رؤية هيمنية على العالم وبعد زوال الاتحاد السوفياتي لعب كتاب هنتغتون حجر الاساس في النظام العالمي الجديد حيث كان على الولايات المتحدة الامريكية البحث عن عدو شيطاني جديد ووجدوه في الاسلام اذا الدعاية كلها تتجه ضد الاسلام الذي يروجون له في اعلامهم على انه دين متطرف وارهابي او انه مستنقع للفكر الارهابي
واسرائيل تلعب دورا اوليا في هذا حيث ان افكار هنتنغتون تروج لهذه الهيمنة الجديدة فحسبه كما اشرنا سابقا الحرب العالمية الثالثة ستكون بين الحضارة اليهودية المسيحية ضد الإئتلاف الاسلامي الكنفيشيوسي
وهذه هي النظرية الصهيونية عمرها 100سنة حينما أعلن “تيودور هرتزل”قائلا أن دولة إسرائيل ستكون قلعة متقدمة للحضارة الغربية ضد الهمجية في الشرق”
وهذا التصريح يتلاقى مع فكر هنتغتون فإسرائيل هي دولة بين ثلث قارات افريقيا وآسيا واوروبا ومنذ انهيار شاه ايران تعتبر الولايات المتحدة الامريكية اسرائيل مراقبة اوحارسة للبترول في الشرق الاوسط لهذا نرى اليوم الولايات المتحدة الامريكية تعطي السلاح والمال والدعم لاسرائيل في حربها ضد غزة بدون حساب
ومنه فقوة قبضة اسرائيل تأتي من القفاز الحديدي للولايات المتحدة الامريكية اليوم وبهذا ان مايحدث اليوم في غزة هي صراع حضارات وحروب صلييبية وليست حرب بين محتل وصاحب ارض.
Discussion about this post