بقلم … سمير حفصاوي
*حبّ بطعم المعطف…*
كان يحبها ويهيم بها دون ان تعرف عن مشاعره شيئا …ظلّ ينتظرها على رصيف العمر وفي محطات ألفت الوقوف فيها … وفي مراس ألفتها سفنها… كان يذكرها كل غروب خريفي غائم مطرزا بالأحزان والأشجان … وفي الصّباحات الشتوية المفعمة بالحنين الفيروزي والاشتياق الرحباني …لكنها كانت لا تعلم عن حبّه شيئا …ذات سوق أعجبه معطفا معروضا على احدى واجهات بيع الملابس ،أعجبه المعطف وأعجبه لونه الوردي الطّفولي وتصوّره على حبيبته ليزيدها جمالا ودلالا فهاجه الشّوق وزاد الهيام هياما … أحب المعطف وأحبّها من خلال هذا المعطف …. واشتراه بلهفة ودون مساومة… انه معطف حبيبته المفترض المزعوم المعطّر بالأماني وخيال العاشق المجنّح بالهيام والحرمان …رجع به الى منزله وعلقه على الجدار وظل يترصّد ويتحيّن الفرصة ليعطيه الى حبيبته المفترضة التي لا تعرفه أصلا … طال الامد به وأحب المغرم الولهان المعطف وأضحى يرى من خلاله حبيبته وظلّ يحاكيه ويغازله صباحا مساءا منتظرا على رصيف العمر والخجل والحرمان ويقول :
يا أنت ارتدي ذاك المعطف
الا تعرفين كم انا مشتاق…
شوقيا من لهفتي لا يُوصفْ
أريدك ان تعرفي…
ارتديه والبسي معنى الفخامة
والقيافةوالأناقة …
ان قلبي من صميم الشوق ينزفْ
ليتك تعلمي ليتك تعرفي
يا معطفا باللّون الوردي الطفوليّ
سرق الألباب وظل يخطف
ارتدي المعطفْ…
انا المنتظر على رصيف العمر
انا المنسيّ في الزمان والمكان
أرجفْ..
يال شوقي من ليالي الوجد
هاجت الاحلام والآمال من جلال الموقفْ
ارتديه متعي انظارناواجمعي أشلائنا
وارأفي بما تبقّى من وجداننا
واجعلي اقفاله كالنجوم في أسحارنا
واجعلي من ومضها طائرات تقصفْ
ارتدي المعطفْ ….
ازهري بلونه الورديّ
نوري دروبنا بزهور البرّ
واجعلي كلامي من بحور الشّعر
ينبني بالأحرفْ …
وانثري الأزهار في رياض العمر نرجسا
واجعلى قطرات الندى بلون الزهر وردا
حتّى ألثم ثمّ أقطفْ…
ياسفينة العمر ابحري في ثنايا المعطف
واجعلي لي الاكمام مضيقا علّي ارسوا
حين ابحر بالشوق عكس الريح
منهكا من تعبي وأنا أجدّفْ..
ابحث عن مرسى في لونه الوردي ربّما
حين تمطر في لقاء بالغيث في المدى
لمّايسافر القطر في الاديم والثّرى
أشرب من نبعه الريّان ثم أغرفْ
من أجله كرهت كل المعاطف …
يا أنا العطشان عطشة لا توصفْ..
ان تركته ادراج الخزانة مهملا
أموت بالشّوق كل يوم ألف مرّة
ان أنت أهملتني والمعطفْ…
-سمير حفصاوي-تونس
Discussion about this post