كتب/خطاب معوض خطاب
يسري مصطفى.. فنان مبدع عانى طويلا من المرض والتجاهل
الفنان يسري مصطفى يعد واحدا من الفنانين الذين أطلوا علينا من خلال الأعمال الدرامية وخصوصا الدراما الرمضانية، ولعلنا نتذكر الشخصيات المتميزة التي جسدها ومنها مصطفى الدوغري في مسلسل “عائلة الدوغري” وسمير الابن الأكبر لحافظ ودولت في الجزء الثاني من “الشهد والدموع” وعاصم السلحدار في “ليالي الحلمية” وأكرم هاشم في “ضمير أبلة حكمت” والدكتور شريف في “وما زال النيل يجري”، ودور ممدوح في “الطاحونة”، بالإضافة إلى الشخصيات التي جسدها في مسلسلات “تاجر السعادة” و”حرب الجواسيس” و”بعد الفراق” و”رأفت الهجان” و”زيزينيا” الجزء الأول و”حضرة المتهم أبي” و”يتربى في عزو” و”أسمهان” و”ظل المحارب” و”بوابة الحلواني” و”بوابة المتولي” و”أديب” و”أخو البنات” و”أوراق مصرية” وغيرها، كما جسد عددا من الشخصيات التاريخية والدينية في عدد كبير من المسلسلات التي كان مخرجوها يسندون إليه عادة أدوار قادة الفرس والرومان بسبب ملامحه، ومن أشهرها “محمد رسول الله” و”محمد رسول الله إلى العالم” و”الفتوحات الإسلامية” و”هارون الرشيد” و”الطارق” و”عمر بن عبد العزيز”.
والفنان يسري مصطفى تميز إنسانيا بالطيبة والأخلاق العالية، بجانب كونه فنانا صاحب موهبة كبيرة وتاريخ فني طويل جسد عددا كبيرا من الأدوار المتميزة في الدراما المصرية التي لاقت نجاحا كبيرا وانتشارا واسعا، ولكنه يعد واحدا من الفنانين الموهوبين المظلومين حيث لم تستغل موهبته الفنية الكبيرة الاستغلال الأمثل، فلم يحصل أبدا على أدوار البطولة وتم حصره في الأدوار المساعدة طوال مسيرته الفنية، ولم تتم الاستعانة به إلا نادرا في أواخر حياته، فانصرفت عنه الكاميرا حتى كاد جمهوره الذي ظل يتابع أعماله طويلا أن ينساه، ولعل صراحته وجرأته كانت من أسباب ابتعاد المنتجين والمخرجين عنه، فقد ذكر يوما في أحد أحاديثه الصحفية أنه يستنكر تكرار الألفاظ الخارجة في العديد من المسلسلات التليفزيونية بحجة نقل الواقع وأن الفن يجب أن ينقى الواقع ثم يقدمه ولا ينقله، فالدراما تدخل للمشاهد البيت ويجب أن تكون نظيفة بعيدة عن الألفاظ الخارجة والإيحاءات الجنسية والإباحية.
ولأن النسيان هو أكثر ما يؤلم الفنان حقا، وكذلك فإن عدم التفات المنتجين والمخرجين وتجاهلهم لفنان مبدع وصاحب تاريخ فني محترم بقدر يسري مصطفى يثير الشجن والألم والحسرة، وقد تحدث هو نفسه يوما عن أسباب ابتعاده عن الشاشة والألم يعتصر قلبه فقال: “أنا لم أبتعد باختياري، وإنما باختيار المنتجين، فأنا لم أعتزل الفن، ولكنني واحد من المركونين على الرف”، وقد عانى معاناة كبيرة أواخر حياته بسبب إصابته مرض الفشل الكلوي، الذي أثر عليه كثيرا في مظهره وحركته وطريقة كلامه، وتلقى جلسات غسيل الكلى بشكل منتظم، وذلك بعدما أجرى جراحات متعددة، منها عملية زرع كلية، ولكن ظلت حالته معقدة، وأنفق جميع أمواله على تكاليف العلاج التي أرهقته كثيرا حتى توفي في يوم 16 يناير سنة 2015، والجدير بالذكر أنه بدأ مشواره مع الفن في سبعينيات القرن العشرين وغلبت الأعمال التليفزيونية على اختياراته حيث قدم عشرات الأعمال والأدوار التليفزيونية المتميزة، بينما قدم عددا قليلا من الأعمال السينمائية أهمها “اشتباه” و”الطريق إلى إيلات” و”يمهل ولا يهمل” و”الهروب إلى القمة”.
Discussion about this post