عاشق اللغة العربية والراهب في محرابها وشيخ اللغويين العرب
الأستاذ الدكتور كمال محمد علي بشر عميد كلية دار العلوم ونائب رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة والملقب بعميد علماء اللغة العربية وشيخ اللغويين العرب يعد واحداً من أهم الشخصيات اللغوية في مصر والعالم العربي، فهو عاشق للغة العربية وعاش حياته راهبا في محرابها وصاحب سيرة ذاتية متفردة تستحق التقدير والاحترام، كما أن إنتاجه العلمي الغزير معلوم ويستحق الإشادة والتقدير وله سجل حافل بالإنجازات العديدة.
فالأستاذ الدكتور كمال بشر يعد واحدا من الرعيل الأول الذي نشر علم اللغة الحديث بالجامعات العربية، حيث قام بتدريسه بكلية دار العلوم وبكلية الآداب والإعلام بجامعة القاهرة وبكلية البنات وكلية الألسن جامعة عين شمس، وكذلك بمعهد البحوث والدراسات العربية بمعهد الفنون المسرحية وبمعهد الدراسات والبحوث الإفريقية، كما قام بتدريسه بجامعة الملك سعود، وبكلية التربية وكلية الإنسانيات والعلوم الاجتماعية بقطر، وبكلية الآداب بجامعة الإمارات وبجامعة الكويت، وبمعهد بورقيبة للغات، وهو يعد بمثابة مدرسة مستقلة في إعداد الباحثين اللغويين حيث أشرف على عدد كبير منهم بكلية دار العلوم وبكلية الآداب جامعة القاهرة وبمعهد البحوث والدراسات العربية وبجامعة الأزهر الشريف.
وقد ولد الأستاذ الدكتور كمال بشر في سنة 1921 بمحلة دياي بمركز دسوق بمحافظة كفر الشيخ حاليا، وتعلم في كتاب القرية وحفظ القرآن الكريم وجوده، ثم التحق بالأزهر الشريف حيث درس الفقه والحديث الشريف والنحو والبلاغة، ثم التحق بمدرسة دار العلوم التي أكسبته الجدة والإبتكار، وأثناء الدراسة قاد مظاهرة مع زملائه من أجل تحويلها إلى كلية وهو ما تحقق بعد ذلك بالفعل في سنة 1946، وقد نال منها ليسانس اللغة العربية والدراسات الإسلامية بتقدير امتياز وكان أول دفعته سنة 1946، وحصل على دبلوم المعهد العالي للمعلمين في التربية وعلم النفس في سنة 1948، وعلى الماجستير في علم اللغة المقارن في سنة 1953، وعلى شهادة الدكتوراه في علم الحديث ودراسة الأصوات من جامعة لندن في سنة 1956.
وقد عمل مدرسا بقسم علم اللغة بكلية دار العلوم في سنة 1956، فأستاذا مساعدا فب سنة 1962، ثم أستاذا في سنة 1970، وعين رئيسا لقسم علم اللغة والدراسات السامية والشرقية بالكلية على مدار 18 سنة متواصلة، من سنة 1969 حتى سنة 1987، وأصبح وكيلا للكلية في سنة 1973، وعميدا من سنة 1973 حتى سنة 1975، ثم أستاذا متفرغا بها من سنة 1978 حتى وفاته، والأستاذ الدكتور كمال بشر كان تراثيا عصريا، ويشجع تلاميذه على التفكير والبحث، وكان يدعوا إلى عصرنة اللغة العامية والتقريب بينها وبين الفصحى، وكان دوما يقول: “اللغة أشبه بالكائن الحي الذي يقوى ويشتد، ثم يهرم ويشيخ ويمرض إذا ما فرطنا فيه وقصرنا في حقه”، وكان يقول عن اللغة العربية: “لابد من إثرائها وإمدادها بعوامل القوة والبقاء”.
وتم اختياره عضوا ثم نائبا لرئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة الشهير بمجمع الخالدين، كما كان يشغل منصب نائب رئيس اتحاد المجامع العربية، ونال عضوية مجامع دمشق وبغداد وعمان، وله العديد من المؤلفات المهمة مثل: “قضايا لغوية” و”علم الأصوات” و”دراسات في علم اللغة” و”صفحات من كتاب الحياة” و”علم اللغة الاجتماعي” و”التفكير اللغوي بين الوهم وسوء الفهم”، ومن بحوثه الرائدة: “عوامل التوحد اللغوي” و”السيمانتيك” أو “علم المعنى” و”الأصوات عند سيبويه” و”مشكلات اللغة في العصر الحديث”، كما ترجم كتابا كتبه”ستيفن أولمان” بعنوان “دور الكلمة في اللغة”، ونال جائزة الدولة التقديرية في سنة 1991 كما نال وسام العلوم والفنون من الطبقتين الثانية والأولى، وقد توفي في يوم 8 أغسطس سنة 2015 عن عمر يناهز 94 عاما.
*من كتاب “عظماء من مصر” الصادر عن دار غراب للنشر والتوزيع
Discussion about this post