بقلم … وسام محمد جواد
فيلم ” المنصة The Platform ”
حفرة طبقية تحكمها مائدة طعام
*************************
إنه منتصف مارس 2020م تقريبا، الرئيس الأمريكي ” دونالد ترامب ” يعلن عن حجم الخطر الذي تواجهه الدولة بسبب تفشي كورونا المستجد، في تلك الليلة قام الناس بهجوم شديد الكثافة على المحال التجارية للحصول على إحتياجاتهم من أجل بيات يبدو أنه سيكون طويلا، وفي فروع ” وولمارت ” التقط البعض مشاهد مؤسفة لعراك شديد بين مواطنين أميركيين، صاحب الصوت الأعلى أو الضربة الأقوي في تلك المعركة يربح حزم مناديل إضافية للمراحيض أو بعض الصابون أو مطهرات الأيدي.
لكن بالتأكيد فإن صراعا في وولمارت لن يقترب حتى من حدة النقاش الدائر وقتها في التليفزيون العالمي حول ضرورة أن يترك الناس إجراءات العزل الإجتماعي جانبا ويذهبوا إلى العمل، كان يمكنك ببساطة أن ترى أحد أعلام اليمين الأميركي وهو يقول أن عجائز الولايات المتحدة الأميركية لا يريدون أن ينهار الإقتصاد ويدخل أولادهم في حالة من الكساد المميت، أو بمعنى أوضح : إذا كان هذا المرض يقتل كبار السن بشكل رئيس، فإن التضحية مناسبة.
***********************************
حسنا، لابد أن ظهور الفيلم الإسباني ” المنصة ” في تلك الأجواء كان مصادفة لافتة للإنتباه، فهو يؤشر عليها بشكل صريح بين مجموعة أخرى من الأفكار المتشابكة جدا بحيث لا يمكن أن تستوضحها في بعض الأحيان، وفيه نرى سجنا من نوع خاص، يتكون من عدة مئات من الغرف المتراصة رأسيا، يسكن شخصان في كل منها، لهذا السجن قانونان أساسيان، الأول هو أن مكانك في أي من تلك الحجرات يتغير عشوائيا كل شهر، فقد تكون في الغرفة رقم 6 بالأعلى، ثم تستيقظ بعد شهر لتجد نفسك في الغرفة رقم 200 بالأسفل، وهكذا.
القانون الثاني لهذا السجن هو أن الطعام ينزل من أعلى لأسفل، طاولة غنية بكل أنواع الأطعمة الشهية التي إختارها المساجين وتكفيهم إذا أكل كل منهم حصته فقط، لكن المشكلة هي أنه غير مسموح لك أن تحتفظ بأي طعام منها، فقط يجب أن تأكل من الطاولة، وخلال دقيقتين كل يوم، بعد ذلك تنزل الطاولة إلى الدور الذي يليك، كلما نزلت الطاولة إلى دور نقص الطعام بها لأن من هم بالأعلى أكلوا منها، فماذا يتبقى للأدوار السفلى؟
أن يأكلوا بعضهم بعضا حرفيا، ورغم أن الجميع يدرك أن الأدوار تتغير كل شهر، وأنه كان من الممكن أن يحافظوا على حياة الجميع طوال فترة السجن إذا إلتزموا بأكل حصتهم فقط، فإنهم يفضلون دائما أن يستمتعوا بالمزايا التي حصلوا عليها من الدور الذي يعيشون فيه، فإذا كان أحدهم في الدور 10 أو 25 مثلا فإنه يرى أنه يحق له أن يتبول، على سبيل المثال، على الطعام قبل أن ينزل إلى من هم دونه… يحيلنا ذلك إلى إقتباس شهير ل ” توماس هوبز “، الفيلسوف الإنجليزي واسع الشهرة يقول فيه : ” الإنسان ذئب أخيه الإنسان “، أو كما قال ” تريماجاسي ” : ” إنها طبيعة الأشياء “.
بقلم … وسام محمد جواد
Discussion about this post