عراف الشعر
………. ….
حيدر الغراس
ليتني عرّافٌ أُجيدُ لغةَ الشِّعرِ
أكتبُ بدخانِ البخورِ والحرملِ البلديّ تعاويذَ القصيدةِ،
ولكن أنَّى لي كلُّ ذلك؟
تراودُني فكرةٌ أن أفضَّ بكارةَ قصيدةٍ، أغتصبها ولو بحرفٍ عنين يعاني
من سيلانِ السين المستديم..!
القصيدة فرسٌ حرونٌ، ترفسُ وترفسُ كلما دنوتَ وأخذتها منّي
تأبى أن تفرجَ ساقيها، تضمُّهما بواو صغير أملسٍ يعتلي فخذيها
يتدحرجُ عند سفحِ ركبتيها،
وتشدهما بحبالٍ من جنبِ محكمة الفتل.
تمطرني شفتيها بوابل من لعابٍ أسودَ مضرجٍ بحمرةِ بصاقِها
تنفخ بخارَ رئيتها المعجونِ بدخانِ سجائرٍ رخيصةٍ بلا فلاتر بيضاءَ..
قلمي لم يزلْ حدثاً
لامسَ الباءةَ تواً
يمارسُ الإستنماءَ بزيت حبرٍ مغشوشٍ، يقذفها على ورقٍ من بقايا طائرةٍ ورقيةٍ
يوماً أفلتتْ خيوطَها في صحراءِ ذاكرة ٍخربةٍ.
أعودُ لهذه القصيدةِ المسجاةِ على سريرٍ شوكيٍّ بوسادةٍ من نفاشِ شعر ِغجرية ٍ
يوخزُني دبيبُ مفاصلِها
بأبرٍ من أسنانِ مشطٍ حديديٍّ
يقصفُ أطرافَ شعرِها المنكوش،ِ
كنخلةٍ جنَّ جنونها في حدوةِ ريحٍ
شماليةٌ في ليلةٍ سوداءَ غابرةٍ..!
لا يدينَ لي لأجردها أثوابَها.
أنزعُ منها مشابكَ حمالةِ مجازاتِها،
لأرتكز نصاً نافراً بفارزتين ونقطةِ مسك ٍهاربةٍ
تتدحرج عند سفح مشيمتها الموغلةِ في حزن قديمٍ
أطبقُ جناساتي عنوةً
، أتوجّسُ خشيةَ فضيحتي عند أوزان المكيالِ
آخذها إليّ مرةً أخرى،
أقربها، تنفرُ من رائحةِ فمي واصفرارِ أسنان حروفي المتهدمةِ
تغرزُ أظافرَها الطويلة َبمتنِ هامشي،
لتلتوى كأفعى خرجتْ تواً من سُباتها،
تطبقُ عصرتَها، تلفُّها على عنقي نازعةً جلدها هاربةً حيث مخبىءٍ منسي.ٍّ
أنبشُ قبرَ ذاكرتي،
أبحث عنها..
لا أجدُها،
لا أجدُني!
.
حيدر الغراس / العراق
Discussion about this post