قراءة في قصيد(يـــا قلب) للشاعرة -إلهام عيسى
برؤية الاديبة الشاعرة فائزه بنمسعود
————————-
يـــاقلب-
بركن دافئ..
دافئ.. يشرف علينا
وفي ثنايا الروح
تحيا قلوبنا المتعبه
ومع خيوط الشمس الأولى
تتفتح براعم الأمل..
و يتمزق الشفق
كي تشرق أرواحنا الساكنه
ويحدث مرة بالعتمة
تقرقع النجوم أصابعها
وتنحني..
وتلتقط ذرات قلبك المباركه..
فأهمس باسمك باحثة
عنك
بين نوافذ الحياة
أحلق في البراح البعيد
ويحدث كثيرا أن احملك
قريبا
لتخلد بأعماق نفسي
لتمكث تتعبد بمحرابي
وأبقى ارددك في صلاتي
ومناجاتي
حتى يأخذك البوح..
لترقد قرير العين بأهدابي..
أنت النور يامهجتي
ياخافقي
بمرسالي أنت ترياقي
ياصفوة حياتي..
تمرّ دقائق الوجد
تنثر كلماتك عطرا وضوءا
جميلة هي أيامي معطرة بصفاء قلبك
على أجنحة الخيال..
كيف أعانق الثريا وأقبل الثرى؟!
يا يقيني يا أنيس وحدتي
يا ملجئي وملاذي
ياشعاع النور في الضحى
ولا يحدث ابدا أنّ
هذه الشموس تترك لهفتها بعيدا
وتلتقي على أسوار عينيك..
دون أن تشعل براكين عشقي..!
الشاعرة الهام عيسى
العنوان:يا قلب
هل هو تنبيه لقلب غافل
هل هو نداء استعداد لان الروح ستلقي على مسامع القلب أمرًا جللا
أم هو نداء آهة وتنهيدة طويلة تترجم لألم دفين
ومع تدرج تناول معاني القصيدة قد نفكّ شيفرة(النداء)
————-
يقول الشاعر ابن النبيه :
ويح قلب المحب ماذا يقاسي
كل قلب عليه كالصخر قاس
يا جفوني أين الدموع
فقد أحرق قلبي توقد الأنفاس
وجد وجدي بحب لاه
وأودى بفؤادي تذكاره وهو ناس
—————-
ويظهر القلب في عرض القصيدة
سهل الخداع وصعب المراس
سهل الخداع لأنه ينساق للحبيب بكل طواعية وبلا حسابات مسبقة ويلتمس الجمال والكمال في كل شيء
والحب كالموت قضاء وقدر ويخترق الشق الايسر دون استئذان
وصعب المراس لأنه يستحيل ترويضه والتحكم فيه اذا أحب هذا الهادئ الذي يسكن الركن الدافئ ولكنه متعب -اتعبه الفقد-اتعبه الوطن-اتعبه الحنين- وأكثر ما يتعبه الحب والحب في المطلق-وحب الله أعلى مراتب الحب
بركن دافئ..
دافئ.. يشرف علينا
وفي ثنايا الروح
تحيا قلوبنا المتعبه
القلب هذه العضلة الصغيرة التي تنبض لنبقى على قيد الحياة والتي تحتوي كل ما نشعر به من أحاسيس جياشة متضاربة أحيانا
ومن القلب نعبر للروح لعلاقتهاالوطيدة بالقلب والروح من أمر ربي
والحب الذي حواه القلب من أمر ربي لذا تمنحه الامل مع كل إشراقة
لنقل على سبيل الهوى(الأمل في الحب ،الحب الذي يحيي ويميت)
ومع خيوط الشمس الأولى
تتفتح براعم الأمل..
و يتمزق الشفق
كي تشرق أرواحنا الساكنه
—في هذا المقطع ينحني قلب الشاعرة
يبحث عما فقد عن هذا الذي تنحني له النجوم وتستمد من ذراته قبس نورها انه عليقة موسى —هذا الهلامي الظهور لحد الان ويُرى في العتمة
بل هو قناديل نور وهداية لبر الأمان(أليس هو الله)
ويحدث مرة بالعتمة
تقرقع النجوم أصابعها
وتنحني..
وتلتقط ذرات قلبك المباركه..
فأهمس باسمك باحثة
عنك
بين نوافذ الحياة
أحلق في البراح البعيد
— وكأني بالشاعرة تلفت انتباهنا الى استحالة رؤية الأشياء بوضوحٍ إلّا من خلال القلب -لان القلب وحده لب الأمور الجوهرية الغير مرئيّة ولا ملموسة
والقلب محراب لاداء طقوس التعبد من صلاة ومناجاة وابتهالات وبوح حيث راحة البال والنور والرضى
ويحدث كثيرا أن احملك
قريبا
لتخلد بأعماق نفسي
لتمكث تتعبد بمحرابي
وأبقى ارددك في صلاتي
ومناجاتي
حتى يأخذك البوح..
لترقد قرير العين بأهدابي..
أنت النور يامهجتي
ياخافقي
بمرسالي أنت ترياقي
ياصفوة حياتي..
تمرّ دقائق الوجد
تنثر كلماتك عطرا وضوءا
جميلة هي أيامي معطرة بصفاء قلبك
على أجنحة الخيال..
كيف أعانق الثريا وأقبل الثرى؟!
يا يقيني يا أنيس وحدتي
يا ملجئي وملاذي
ياشعاع النور في الضحى
كما نلمس مسحة صوفية (تصويف الشعر)
اي وجود النفس الصوفي عبر كل القصيد وخاصة بين كلمات هذا المقطع
حيث الشاعرة تمارس رياضة روحية قد توصلها إلى الصفاء والارتقاء الى حب الله والاتحاد بجمال السكينة في رحاب الله
وهكذا مـثَّــل هذا المقطع شطحة صوفية محضة
في مرحلة مُتقدمة من الانصهارالروحي انزاحت فيها الحِـسِـيات والمحسوسات وعبرت عن هذا بهذا(أنت النور يا مهجتي / الضوء /شعاع النور/ملجئي وملاذي /)وكأنها رأت ما لا نراه في الحضرة الإلهية وارتقت وسدرة المنتهى بلغت
—في هذا المقطع الأخير
ولا يحدث ابدا أنّ
هذه الشموس تترك لهفتها بعيدا
وتلتقي على أسوار عينيك..
دون أن تشعل براكين عشقي….
كلمات تصرخ كم أنت وحيد ايها القلب
وحيد في حبك لهذا المدى ولبـراح الكون وانت تسعى لتشرُّب جمال لوحات تعرضها عناصر الطبيعة رسمتها فرشاة الله فالشمس باتت (شموسا)تقذف حب الله
وكم أنت عامر بحب الله (يـا قلب) وحب الله آسر
اذن العنوان(يا قلب)
هذا النداء كان لتعرية أجمل ما حواه القلب من
إيمان وتقوى ومن فيض حب في المطلق
أما لغة القصيدة فهي في باب السهل الممتنع
لغة غاصت في أعماق النفس وكشفت عما يختلج في نفسية الشاعرة من أحاسيس مختلفة
وعلى رايي عباس محمود العقاد
(الحديث عن الشعر وعن لغته هو حديث عن شيء واحد، لأن اللغة هي الشعر والشعر هو اللغة)
دمت بهذه الجزالة والقدرة على التعبير الجميل
فائزه بنمسعود
Discussion about this post