بقلم دكتور … عاطف معتمد
بنك القلق…1967!
واحدة من مسرحيات توفيق الحكيم التي يصعب أن تنسى عنوانها. ذلك لأن “بنك القلق” مثير للغاية، أيعيش أحدنا من دون قلق؟
تجمع هذه المسرحية بين الحقيقة والفانتازيا. صديقان من خريجي كلية الحقوق بلا عمل ويعيشان حياة فقيرة معدمة يغامران بفتح بنك للقلق يتبادلان فيه مع الزبائن البوح بالقلق نظير أجر يسير.
يلتقط الفكرة صديق ثالث ثري من الأعيان ويمول البنك حتى يشتهر ويتكاثر زبائنه، ويوفر هذا الثري للبنك مقرا مرموقا ومرتبات مغرية.
يتدفق الزبائن على البنك ملتمسين علاجا لمشاكل حياتهم التي تثير قلقهم وتقض مضاجعهم، من الخيانة الزوجية إلى تربية الأبناء.
الحيلة المسرحية هنا بالغة الطرافة، أراد فيها توفيق الحكيم عرض مشاكل المجتمع المصري في ستينيات القرن العشرين ولا سيما صراع الأفكار التي تتنازع هوية هذا الشعب ومصادر قلق مواطنيه، وفي مقدمتها:
– تنافس اليسار والبرجوازية
– الإلحاد الذي يهدد المجتمع في مقابل الرجعية التي تجثم على صدره.
– العنف وتفريغ الطاقة المكتومة في نفوس الناس
– أزمة الاشتراكية في مصر بين الكلام الأجوف والتطبيق العملي
المغامران العاطلان يفتحان البنك وينجح مشروعهما، ليكتشفا في النهاية أن الممول الذي فتح لهما البنك وصديقهما الثالث يعمل لحساب جهة استخباراتية،
لا يحدد الحكيم هويتها أداخلية أم خارجية؟ تستغل هذه الجهة كل بيانات زبائن البنك لتجمع استخبارات اجتماعية وتتجسس على المجتمع من خلال رصد وتحليل ما يفكر فيه ويعانيه هذا الشعب.
البناء الأدبي في هذه المسرحية بسيط للغاية، فكاهي ولطيف ولا يقول شيئا سياسيا.
المغزى الضمني في المسرحية بالغ العمق ومنقوع في السياسة، ويقول بصوت لا يخفي على حصيف لماح إن هذا الشعب يريد أن يعرب عن همومه. رسالة الحكيم المدسوسة في المسرحية واضحة لكل ذي عينين: إفساح المجال للناس كي تتكلم، الكلام يفضفض ويخرج الطاقة، وليس بالضرورة أن يؤدي بهم إلى فعل أو تغيير.
طبعا ..هذه المسرحية تناسب هموم عام 1967
Discussion about this post