بقلم دكتور … عاطف معتمد
ثلاث رحلات إلى البحر الأسود
زرت البحر الأسود عدة مرات، أود أن أشارككم بعض معلومات من تلك الرحلات.
(1)
في عام 2012 كنت في زيارة علمية إلى جامعة بوخارست في رومانيا. وبعد أن ألقيت المحاضرة المتفق عليها لطلاب كلية الجغرافيا وكان عنوانها “التطور البيئي للأراضي المصرية” ركبت القطار عبر نهر الدانوب شرقا نحو ساحل البحر الأسود. وهناك مررت بالميناء الشهير “كونستانتسيا” ومنه شمالا إلى دلتا الدانوب.
من المحطات المهمة على هذا الساحل بلدة “المحمودية” و “روزيتا” أو رشيد.
إذا كانت رشيد هي استلهام من رشيد المصرية فإن “المحمودية” هنا نسبة إلى السلطان محمود ، ونفس الاسم تحمله ترعة “المحمودية” في الإسكندرية وكان محمد علي باشا قد منح الترعة هذا الاسم استرضاء للسلطان العثماني.
وجود آثار من فترة الإمبراطورية العثمانية في رومانيا ليس قاصرا على أسماء الأماكن، فهناك مساجد لمسلمي تلك المنطقة الذين اعتنقوا الإسلام أو جاءوا مهاجرين وعاشوا هنا طيلة العقود اللاحقة. دخلت واحدة من تلك البلدات وزرت أحد المساجد هناك والتقيت بإمام وافد من تركيا ترسله بلاده بتنسيق مع حكومة رومانيا لرعاية مسلمي الإقليم.
(2)
في عام 2015 زرت منطقة بحر آزوف من جهة ميناء “نوفوروسيسك” والذي يعني حرفيا “روسيا الجديدة” وهو نفس الاسم الذي يرتبط بالإقليم الذي تحتله روسيا حاليا في جنوب أوكرانيا وتريد إعادة ضمه لأراضيها على غرار الفترة القيصرية وتسميه “نوفوروسيا”.
(3)
في عام 2016 زرت الإقليم الذي يضم مدينة روستوف أون دون التي شهدت مؤخرا تمرد فاجنر واحتلال بريغوجين لها والتي تضم قيادة أركان القوات المسلحة المشرفة على عمليات الحرب في أوكرانيا.
هذه المدينة “روستوف على الدون” وتكتب بالروسية “روستوف نا دانو” هي نموذج يشبه مدن دلتا النيل ويمكنني أن أشبهها بدمياط مثلا في عصرها الذهبي. كانت هذه المدينة قلعة خاضعة للقوات العثمانية أيضا قبل أن تنتزعها روسيا في عهد الحكم القيصري وتجعلها قاعدة عسكرية وعمرانية في الإقليم.
Discussion about this post