بقلم الكاتب والأديب
هيثم فتحى
منذ فتره قصيره أجبرتني الظروف على مراجعة بعض قواعد النحو بعدما طلبت مني إبنتي چودي مراجعة بعض القواعد معها .. عندما وصلت إلى درس الأفعال وأنواعها تذكرت أني دائما كنت أحب الفعل المضارع ليس لسهولة قواعده ولكنه دائما ما كان الفعل المحبب لقلبي.
كنت أحبه لمعناه بعيدا عن قواعد النحو ،، فنحن جميعا منقسمين لنوعين في مشاعرنا و حكاياتنا و أغانينا ،، نوع يعشق الماضي يعيش فيه طوال الوقت ونوع أخر ينظر للمستقبل و يتخيله ، لكن لا أحد يهتم أو يحب المضارع ، ذلك المظلوم و المنسي و المهدور حقه دوما ،، دائما كنت أحب المضارع وأنساه كثيرا أيضا مثل الغالبيه العظمى ويجرفني الحنين الي الماضي أو النظر والقلق دوما من المستقبل.
منذ فتره أدركت قيمة المضارع ففيه تكمن الاستمراريه ،،، كل شئ من حولك ينساب بعيدا ويغادرك .. الأشخاص .. الأشياء .. الأمنيات .. حتى المعاني والقيم ،، هناك من ينساب للخلف مع مجرى الزمن ويصبح من الماضي وهناك من يبتعد للأمام ويصبح شئ مستقبلي تطارده ما حييت ،، إلا الحاضر ،، يظل دوما معك لا يغادرك .
تكمن قوتنا وحياتنا في تمسكنا بالفعل المضارع ، دوما تتردد في أذناي الكلمات العبقريه لسيد حجاب في المقدمه العظيمه لمسلسل أرابيسك :
وينفلت من بين إيدينا الزمان
كإنه سحبة قوس في أوتار كمان
وتنفرط الايام عقود كهرمان
يتفرفط النور والحنان والأمان
في عشقي الدائم للسينما كنت دائما أحب نوعين من الأفلام ،، النوع الأول أفلام الخيال العلمي التي تتحدث عن أي شئ في المستقبل .. عشقت أفلام السفر عبر الزمن لنسافر في رحلات تأخذنا للماضي أو المستقبل بواسطة ألات ما مثل فيلم Time machine وصولا للسفر عن طريق مسار دودي أو ثقب أسود كما في الفيلم الرائع Interstellar و المسلسل الألماني Dark.
أما النوع الثاني فهي أفلام السير الذاتيه لشخصيات تاريخيه أو حديثه ،، دوما كان الماضي والمستقبل لهم الغلبه والسيطره .. لكن منذ فتره بدأ يتسلل إلي عشق الأفلام الدراميه فقط والتي تنحصر أحداثها داخل إطار زمني محدد وبسيط في الحاضر .. تحكي يوميات عاديه لإنسان عادي وهنا يظهر الإبداع والسحر ،، ففي يومياتنا العاديه في حاضرنا تكمن الحياه الحقيقيه بعيدا عن الماضي أو المستقبل .. وهنا تحضر بقوه كلمات العبقري سيد حجاب مره أخرى حين يقول :
إن درت ضهرك للزمن يتركك
لكن سنابك مهرته تفركك
وإن درت وشك للحياه تسبكك
والخير يجيك بالكوم وهمك يهون
إنه الحاضر ،، المضارع العظيم ،، المهمل و المنسي دائما في صراعنا الدائم ما بين الحنين للماضي والشوق للمستقبل الذي سيأخذنا بعيدا عن كل ما نحن فيه… وكما يقولون دوما تكمن السعاده في الرحله نفسها لا في البدايه ولا في الوصول.
في ألبوم أبناء البطه السوداء لفريق كايروكي كانت توجد أجمل خاتمه لواحده من أجمل أغنياته ” كان لك معايا” والتي دائما تحضرني ” يكتبوا على قبرك كان راجل طيب عاش ومات من سكات” ،، فعل مستقبل لحدث في الماضي يحكي عن رحلة حاضر مابين كلمتين “عاش ومات” وما بينهم من حياه مهدره بالصمت وفعل مضارع مات مع صاحبه.
( أنا والأفعال )
#سرد_عشوائي_لأفكار_مكدسة
#حكايات_رجل_أربعيني
Written by: Haytham Fathy – هيثم فتحي
Discussion about this post