بقلم دكتور
عاطف معتمد
برئاسة محمد شفيق غربال أستاذ التاريخ الحديث بكلية الآداب، انطلق 60 أستاذا وطالبا من مختلف التخصصات الجغرافية والتاريخية والأثرية إلى البحر الأحمر ووادي قنا في شتاء عام 1939.
ضمت الرحلة أسماء بارزة من جيل الرواد في تخصصات الجغرافيا والتاريخ والفلسفة والآثار الإسلامية واللغة الإنجليزية والفرنسية.
قبل انطلاق الرحلة حرص طه حسين بنفسه على توديعهم في ميدان الأوبرا يوم 27 يناير 1939 وكانت ابنته “أمينة” – الطالبة بالفرقة الثانية بقسم الدراسات القديمة – من بين أعضاء الرحلة.
انطلقت الرحلة في أسطول من السيارات الملاكي تجاوز 15 سيارة وحافلتين كبيرتين للمتاع من طعام وخيام. وفيما يلي خط سير الرحلة:
– انطلق الفوج إلى مدينة السويس ومنها إلى “العيون السخنة”، والتي كانت عيونا كثيرا قبل أن تندثر اليوم إلى عين واحدة. وهناك ضربوا خيامهم وباتوا ليلتهم بين البحر والجبل.
– في اليوم التالي انطلقوا مرورا بفنار “أبو الدرج” أمام القلالة الشمالية (وتسمى هنا القلالة التي حرفت اليوم إلى الجلالة) ثم منها إلى الزعفرانة وقضوا ليلتهم الثانية.
– أمضت الرحلة يوما كاملا في دير أنطونيوس وباتت ليلتها في خيام الزعفرانة مجددا.
– في اليوم الرابع انطلت الرحلة من الزعفرانة إلى الغردقة مرورا برأس “غريب” وهو الاسم الذي تم تحويره في العصر الحديث إلى رأس غارب. ويشعر أعضاء الرحلة بأسى لأن ثروات الزيت في رأس غريب تذهب للأجانب ولا نصيب فيها للشركات المصرية.
– لم تصل الرحلة إلى محطة الأحياء في الغردقة إلا بعد منتصف الليل لأنها ضلت الطريق مرات عديدة.
– في اليوم الخامس أمضت الرحلة يومها كاملا في الغردقة. ورصد أعضاء الرحلة بداية استعداد بعض سكان الغردقة لشد الرحال إلى رأس غريب (غارب) لأن آبار الزيت بدأت تنضب.
– في الغردقة انضم إليهم في ذلك اليوم الدكتور مشرفة بك عميد كلية العلوم.
– في اليوم السادس انطلقت الرحلة من الغردقة إلى سفاجة للتعرف على ثروات الفوسفات التي يحتكرها الأجانب أيضا، ثم عادت إلى الغردقة لتتجه إلى قنا وباتت ليلتها في المدرسة الثانوية بعد أن زارت معبد دندره.
– في اليوم السابع انطلقت الرحلة إلى البلينا وزارت الرحلة معبد سيتي الأول في أبيدوس. ومن البلينا اتجهت الرحلة إلى جرجا وباتت ليلتها في إحدى المدارس.
– ثم انطلقت في اليوم الثامن من جرجا إلى أسيوط ومنها إلى ملوي فقصدت آثار تونا الجبل.
– ومن ملوي مرورا بسمالوط عادت الرحلة للقاهرة في منتصف الليل.
يبدأ تقرير الرحلة بمقدمة فكاهية خفيفة عن نوادر الرحلة بشأن الطعام والسفر والخيام. كتب المقدمة الأستاذ توفيق الطويل المدرس المساعد بقسم الفلسفة آنذاك، وأهم ما في هذه المقدمة هو الصعوبات التي قابلت الرحلة بسبب عدم وجود طريق معبد فكانت سياراتهم تتعثر في الرمال.
ونعرف من المقدمة الطريفة أن هناك فيلما سينمائيا لمسار الرحلة …ولكننا لا نعرف مصيره اليوم في 2023.
يتألف تقرير الرحلة العلمية من عدة مقالات على النحو التالي:
– تاريخ تكوين البحر الأحمر ونهر النيل. بقلم أستاذ الجغرافيا إبراهيم رزقانة.
– مشاهدات اقتصادية عن البترول والتعدين منذ اكتشاف البترول في البحر الأحمر عام 1910 مع موجز عن الفوسفات في سفاجا وخط السكة الحديد بين المناجم في الجبل والميناء في البحر. وكتب التقرير إبراهيم رزقانة.
– محطة الأحياء البحرية بالغردقة. وتاريخ نشاطها منذ رعاية الملك فؤاد، وساحل البحر وشعابه المرجانية. وكتب التقرير “كامل منصور” أستاذ علم الحيوان بكلية العلوم (لم يكن من أعضاء الرحلة)
– البحر الأحمر في عهد الفراعنة وأهمية وادي الحمامات كطريق لعبور الصحراء من النيل إلى البحر الأحمر واستخدام حيوانات النقل من الدواب (الحمير). ويتعرض التقرير لرحلات قدماء المصريين عبر البحر الأحمر إلى بلاد بونت، ولا سيما إلى الصومال وخليج عدن. كما تناول التقرير طريق وادي الطميلات في شمال الصحراء الشرقية وعلاقته بأقدم قناة تصل بين البحرين الأحمر والمتوسط، وكانت تأخذ السفن والملاحين من منف إلى بلاد بونت. وكتب هذا التقرير عبد المنعم أبو بكر (لم يكن من أعضاء الرحلة)
– البحر الأحمر في عهد البطالسة والرومان. وهو تقرير موسع كتبه إبراهيم نصحي مدرس التاريخ بالكلية.
– البحر الأحمر في عهد البيزنطيين والعرب والمماليك. وهو تقرير مكمل للسابق كتبه حسن عثمان مدرس التاريخ المساعد آنذاك.
– البحر الأحمر كطريق تجاري في العصور الحديثة. وهو من أكثر التقارير إمتاعا. وقد كتبه أحمد عزت عبد الكريم، مدس مساعد بقسم التاريخ آنذاك.
– دير الأنبا أنطونيوس. وهو تقرير لطيف ومفيد للغاية. كتبه حسن عثمان. مدرس مساعد بقسم التاريخ آنذاك
– تقرير عن معبد دندره كتبه إبراهيم نصحي، وآخر عن معبد أبيدوس كتبه أحمد بدوي. وتقرير عن تونا الجبل كتبه إبراهيم رزقانة.
في الرابط في أول تعليق يمكنكم تحميل الرحلة كاملة PDF في 128 صفحة
Discussion about this post