” مشاكل ضمان الأمن الغذائي العالمي ”
د. مهندس باسل كويفي
لعل ضمان الامن الغذائي العالمي ومشاكله يستحوذ في هذه الفترة على العديد من التساؤلات والتحليلات والتحديات التي تقرع ناقوس الخطر حول ضرورة معالجة تلك المشكلات التي من شأنها الحد من الفقر والجوع والحفاظ على حياة الكائنات الحية على هذا الكوكب بشكل عام والانسان بشكل خاص ، وللخوض في هذا الغمار علينا التنبه الى النقاط الاساسية التالية ومحاولة ايجاد حلول او بدائل لتجنب تأثيرها على الامن الغذائي ، وقد يكون البحث بحاجة الى دراسات تفصيلية لكل فقرة من الفقرات آخذين بعين الاعتبار المناطق والجغرافيا والعادات المتوارثة والبيئة الاجتماعية والمناخ والتكنولوجيا والثقافة بمختلف اوجهها … فلكل منطقة خصوصيتها ولا تتطايق الظروف الانفة الذكر على كل المناطق ؛ وبالتالي اعتقد ان الرؤية العامة حول ذلك تتطلب تحليل ودراسة تفصيلية مناطقية :
وفق مؤشر الأمن الغذائي العالمي GFSI يقيسه بتركيب مجموعة كبيرة من المؤشرات في 4 تصنيفات أساسية وهي : إتاحة الغذاء ، وتوفره ، نوعيته وأمانه ، والمؤشر المرتبط بالموارد الطبيعية والقدرة على التجاوب مع الكوارث .
وعليه يتوجب دراسة حوامل كل مؤشر على حدى وارتباطه بالمنظومة المحلية والاقليمية والدولية ، مع إضافات نراها ضرورية من الناحية السياسية والجيوبوليتيك لاضاءة اكبر على تلك المشاكل ، ويأتي في مقدمتها ،
-تحقيق وتوفر الامن والسلام والاستقرار المستدام .
-تحفيز مبادرة التعاون الدولي بشأن الأمن الغذائي من خلال خطة قابلة للتنفيذ لحل أزمة الغذاء العالمية وضمان الامن الغذائي العالمي .
-معارضة فرض أي عقوبات اقتصادية أحادية الجانب تتجاوز تفويض مجلس الأمن الدولي على الدول الأخرى بشكل عشوائي ، وتهيئة ظروفا مواتية للدول النامية لتنمية اقتصادها وتحسين معيشة شعوبها.
-ضمان استقرار سلاسل الزراعة و الصناعة والإمداد ورفض تسييس الاقتصاد العالمي أو استخدامه كأداة وسلاح ، وتضافر الجهود لتخفيف تداعيات الأزمات عبر التعاون الدولي في مجالات الطاقة والتمويل والمناخ وتجارة الغذاء والنقل .. لتعزيز التعافي الاقتصادي العالمي.
-ترتيبات الحيازة للارضي الزراعية وملكيتها او استثمارها ، وتعديل القوانين والسياسات الرسمية المحلية والتقاليد العرفية لتتماشى مع الحداثة ، مما يوفر لمستخدمي الأراضي الحافز ليس فقط لتطبيق أفضل الممارسات في استغلالها (ولنقل الانتباه إلى الآثار البيئية)، بل أيضا لزيادة الاستثمار فيها.
-التهديدات الواردة حالياً على الأمن الغذائي بفعل تداعيات الحرب الروسية – الاوكرانية ، والنقص في سلاسل توريد الحبوب والنفط والغاز ، مما يستدعي العمل على وقف الحرب وايجاد تسوية سلمية لهذه الحرب وكذلك النزاعات والصراعات في البلدان التي تشهد حروب او ازمات محلية او اقليمية او عالمية وحتى العابرة للحدود بما فيها التنافس الاقتصادي والجيوسياسي الذي قد يتحول الى حرب لاتُحمد عقباها .
– من ناحية اخرى يشكل الصراع على حوامل الطاقة والمياه .. ارضية خصبة للتحديات في مجال الامن الغذائي العالمي ، حيث يعد الامن المائي مقروناً للامن الغذائي ، وبالنظر الى منطقتنا الاوسطية نشاهد تحديات ساخنة مثل ملف سد النهضة الاثيوبي في افريقيا وتأثيره على السودان ومصر والسدود التركية على نهري دجلة والفرات وتأثيرها المباشر على الزراعة والتنمية في سورية والعراق وكذلك الغطرسة الاسرائيلية في استغلال مياه نهر اليرموك وبحيرة طبريا ..
-تكامل البرامج الاقتصادية والاجتماعية ووضع الروزنامات الزراعية التي تتواءم مع الاحتياجات والوفر الموجود بين دول الجوار والمحيط الاقليمي والعالمي عبر اتفاقيات ثنائية واقليمية ( جامعة الدول العربية – الاتحاد الاوروبي ..) وتعزيزها ونشر تلك الثقافات لدعم الامن الغذائي .
-إن تحقيق الأمن الغذائي على المستوى المحلي ، يتطلب تحفيز ومساعدة قيام المشاريع الصغيرة والمتوسطة وعلى الأخص زراعياً وصناعياً ، إلا أن الأمن الغذائي مرتبط بتحقيق الأمن المائي والاستقرار والسلام المستدام ، وبالتالي فهو بحاجة الى سياسات أكثر مرونة وتطور على الصعيد الاداري والمالي والتمويلي والمصرفي والخدمات والبنية التحتية ، -تعزيز نظم اللامركزية الادارية وخصوصية المناطق لادارة الموارد والمشاريع والاستثمار .. بعيداً عن البيروقراطية والمركزية .
-تأمين حوامل الطاقة والنقل والبنى التحتية للمياه والصرف الصحي بشكل متكامل ومستدام ، بالاضافة الى تمكين الوصول الى التجهيزات والمستلزمات الزراعية الحديثة سواء بقصد البيع او الاستثمار بقوانين جديدة دون رسوم جمركية وبمرونة عملية لتوريدها واستخدامها دون معوقات .
-تأمين الاسمدة والبذور والمبيدات الحشرية على نطاق واسع دون احتكار ووفق الاسعار العالمية المتداولة وبنوعيات جيدة لتوزيعها على الاستثمار الزراعي بأقل قدر من الارباح المضافة ، واعفاء جميع الحاصلات الزراعية والمواد الاولية والمصنعة منها ومستلزمات الانتاج من جميع الرسوم المالية والجمركية ..
– إن مخلفات المواد الغذائية في منطقتنا الاوسطية تتراوح ما بين 65 و 70 % عضوي ( إن عمليات تخمر وتفاعل المواد العضوية يعتبر المسؤول المباشر عـن تلوث المـاء والهـواء والتـراب)، ( من خلال المياه الآسنـة والغازات المنبعثـة).
علينا تطوير هذه الأنظمة ودمج تقنياتها لتصبح مترابطة وملائمة لتحقيـق هدف الوصول إلى صفـر نفايات وصفـر تلـوث للمـاء والهـواء والتـراب مما يحافـظ علـى الأمن الغذائي والمائي والهوائي والترابي والأمـن الصحي أي سبـل حياة الإنسـان والبيئة، ورفع ثقافة عدم التبذير ورمي الأطعمة للحد من الاستهلاك المفرط دون فوائد .
بالمحصلة ، الأمن القومي للبلدان يتعزز بشكل متكامل عبر الامن الغذائي والمائي والقضائي والصحي والبيئي … يغلفه الدائرة الاكبر التي تشمل الامن الاجتماعي والسياسي ..
د. مهندس باسل كويفي
Discussion about this post