بقلم دكتور … محمد الدليمي
الكثير منا يعلم إنه يملك نفسا ولكن لا يعلم كيف يتعامل معها ؛ خلق الله النفس من عينين ولسانا وأذانين؛ واشهدها خلقها ألست بربكم فقالوا بلى ؛ أنتهى الحوار مع النفس لأنها لا تملك عقل ولا أرادة ولا تعليما ولا تدريبا ولكنها خلقت لتكتسب وتطور ماهيتها .
الكسب ، هو كل ما تحتويه من نظر أو سمع ، ولا يمكن أن تكسب شيئا من دون هاتين الحاستين ، النظر يعطي للنفس شهوة ، لكل ما تراه ، والسمع يعطي للنفس انطباعا لكل ما تسمعه ؛ وما بين الشهوة والإنطباع فرق كبير ولكل منهما موضوعا خاصا سنشرحه فيما بعد.
أما الفرق ما بين الكسب والأكتساب؛ فالأول خلقنا الله على فطرة الحلال فكل حلال كسب ، وكل حرام أكتساب، ففي الكسب سهولة لطاعة الله سبحانه فكل شيء خلق له ، وفي الأكتساب صعوبة لمعصية الله سبحانه فكل معصية هي أدبار عن أمر الله سبحانه .
نحن نقرأ و نتفكر أو نتأمل تلك القراءة لنخرج برؤية نفسية مطمئنة، جميعنا عندما يقرأ نصا مكتوبا تصيبه أحد الأمور أما يتمنى هو من كتب النص ، أو هو من يكون أحد أبطال النص ، أو يعيش في داخلها لشدة أعجابه ؛ فكل هذه لرؤية النفس ، أما التفكر فيه ؛ فهو للعقل ويبدأ باخراج النص من استراتيجة ويقوم بتفكيكه وتحليله وكل إنسان حسب تخصصه حتى يصل به لنتيجه ترضي العقل أو يكتب على النتيجة غير مفهومة أو متعبة وتخزن في الذاكرة المؤقته.
الحياة مدرسة إن أعددت طيبها تقربت منك وارتاحت النفس إليها ، وأن أعددت خبثها أبتعدت عنك وسيطر هوى النفس عليك ؛ فأنت بين سبيلين أما شاكرا وأما كفورا.
هذا كله والعقل كان على جانبا لنجعل للعقل حكاية أخرى ، كي لا يختلط على المتلقي الفهم الخاطئ بالصحيح .
النفس تهوى وفي الهوى سبيلين والنفس تغزو وفي الغزو سبيلين والنفس تقتحم وفي الأقتحام سبيلين والنفس تبحث وفي البحث سبيلين والنفس تسكن وفي السكنى سبيلين والنفس تعشق وفي العشق سبيلين وأين ما رميتها تجد السبيلين ، فأياك وحاجز الأدبار لمعصية أمر الله سبحانه .
ولنضرب مثالا كثيرا ما أعيب في نفسي ما أرى أو اسمع ولكن اليوم وقبل صلاة الظهر مع الخطى تفكرت في موضوع النفس وما كسبت وعليها وما أكتسبت ، فهل نترك الموضوع حجرا محجورا أما ننتفع كلنا منه ، ولله الأمر من قبل ومن بعد .
الدراما التلفزيونية ، الأعلانات ، قصص ، الشعر، افلام كارتون الأطفال ، التوجيهات، الحكم والمواعظ ، ضرب الأمثال، التدريس ، أولاد الشوارع. كل اؤلئك نصيبا مفروضا في التعامل معهم، نبتدئ بالدراما التلفزيونية كنا في السابق نرى التلفزيون معلما تربويا ، وكنا نرى الأعلانات لنفق السلع ، وكنا نتعلم من القراءة القصة الهادفة، وكنا نقرأ الشعر لنتعلم البلاغة والمعاني الفاضلة ، وكانت الأمثال مدرسة ، …. ، فكلهن سلاح ذو حدين أما تعليم وأصلاح أو تخريب وفساد ، فعندما يخرج مسلسل تعليمي ممنهج فيه أمر شرعي أو دنيوي على كيفية التعامل بالصحيح، ستلقف النفس ما تريد بسرعة خيالية لا تقدر حتى باجزاء من الثانية وتفسر وتتأمل تلك الحكاية ومن ثم تصل لنتيجة عيش الدور في سعادة وأمل يليها طول مدة تأثيره ، أما إذا كان المسلسل يحاكي الواقع المزري أو ما ينتج عن الخطيئة من فساد وجريمة، ستلقف النفس بأقل من تلك السرعة التي كسبت بها الخير ، وتبدأ هي من تحلل تلك القضية كما حللها المؤلف الذي تعامل مع الدراما التلفزيونية ، وتدخل العقل ليتفكر بالقضية فينتج بنتيجة يحسب فيها الخفاء والترصد والتصنع والتضمين والأقتباس حتى يصل لنتيجة هو يطلبها فتقتنع النفس بالنتيجة فتعيش بها الأمل من فسق وفساد وجريمة ، وتبقى على هذا الحال حتى تقنع العقل بما تشتهيه تلك النفس فتضطر لأقناعه بالأزعاج أي تحاكيه في كل وقت تحاكيه في تفكره في حديثه مع الناس في تعامله مع الناس في دراسته في طور يومه فهي دوامة بدون كسل حتى تقنع العقل بالفعل الذي أرتضته لحالها من شهوة أو جريمة ؛ فغالبا يقول الإنسان مر عليه موقف من الفساد ولم يخرج من عقلي هذا دليل على نقاء نفسك لأنك لم تر من قبل أو تتعامل معه من قبل فأحبت أن تكون لك حصة مما تريد النفس من الشهوة ، فملاحظتي هنا لا تحدث غيرك بأمور الفساد لأن الفساد ينتشر في الهشيم وإنما حدثه بالصلاح لأن الصلاح مقود الأرادة .
اتمنى من أهل الدراما التلفزيونية أن يستجيبوا لدعوة الأصلاح لا لدعوة محاكاة الواقع لأنها تزيد الطين بلة ومن البلة ما يغرق صاحبه.
هذه القالة الموجزة فقط للمعلومة كيف تتعامل النفس مع الواقع .
الباحث محمد عبدالكريم الدليمي
Discussion about this post