من لطائف التفسير
وقفة مع آية
___
بقلم الشاعر … سعدي جوده
أسلوب تقديم لفظ على لفظ في القرآن الكريم .
التقديم و التأخير لكلمةعلى أخرى في القرآن الكريم لم يأت ِ عرضاً أو مصادفة ، بل مقصوداً لحكمة ما قد يعلمها من فتح الله عليه من علوم تفسير القرآن.
و سأورد لكم أمثلة محددة عن ذلك
ورد في سورة البقرة قوله تعالى : لِّلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ ۖ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284)
و قال تعالى في سور آل عمران :
قُلْ إِن تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29)
الملاحظة هنا تقديم كلمة تبدوا في الآية الأولى و تقديم كلمة تخفوه في الآية الثانية
فيظن البعض أن هذا جاء عرضاً ، لكن إذا أمعنا النظر نجد يتضح أنه في الآية الأولى جواب الشرط ( يحاسبكم ) و حساب الله تعالى يكون يوم القيامة فيكون على الظاهر من أفعال العباد ، أما ما تحدثهم به أنفسهم فلا يحاسبون عليه ، ما لم يخرج إلى حيز التنفيذ ،
لهذا قدم كلمة تبدوا على كلمة تخفوا .
أما في الآية الثانية فجواب الشرط فيها “يعلمه الله ” و العلم بما يخفي أهم من العلم بظاهر الأمور ولهذا قدم كلمة تخفوا على كلمة تبدوا ، لأن ذلك العلم أبلغ في إثبات عظمة العلم الإلهي الذي يحيط بخائنة الأعين و ما تخفي الصدور .
هذا و قد يكون التقديم و التأخير لعظم المقدم و الاهتمام به كقوله تعالى ( و أقيموا الصلاة و آتوا الزكاة ) فالصلاة أعظم قدرا من الزكاة
و قوله تعالى : ( إياك نعبد و إياك نستعين ) فعَظم العبادة على الإستعانة .
و الأمثلة كثيرة في القرآن الكريم أترك لكم المجال للتدبر و من أراد أن يورد أمثلة أخرى فله ذلك
هذا و الله أعلم
أعده و كتبه لكم
بقلم الشاعر … سعدي جوده
Discussion about this post