الحريــــة وفق المفهــوم الفلسفي والاجتماعي
بقلـــــــم :
لميـــاء العامريــة
تكاد تكون الحريـــة الشغل الشاغل للشعوب والامم والمجتمعات والافراد
ولا تخلوا امة من الامم لم تقدم الكثير من الارواح والدماء من اجل الحريـــــة
وهي نقيض العبودية بمفهومها الواسع ،
غير ان مفهوم الحرية يختلف وفق المنظور الديني عن المفهوم وفق النظريات والافكار الفلسفية والاجتماعية ، فالحرية التي كفلها الاسلام للانسان اكثر عمقا وانسانية وشمولا ، وقد جاءت الآيات البيّنات في القران الكريم بما توحيه من مفاهيم الحرية للفرد رجلا كان او امرأة ، والمجتمع ككل فالحرية في الاسلام هي محور العدل واساس التكليف والعلامة الانسانية الفارقة لتكريم الانسان ،
والحرية في الاسلام بمعناها الاخلاقي والانساني الواسع والشامل كبح جماح الاهواء والاقرار بالعبودية لله جلّ وعلا وتجسيد المعاني والقيم الانسانية العليا ..
يقول الشيخ ابو زهرة محمد بن احمد في هذا الصدد :
” الحر حقاً هو الشخص الذي تتجلى فيه المعاني الانسانية العالية ، الذي يعلو بنفسه عن سفاسف الامور ، ويتجه الى معاليها ويضبط نفسه ، فلا تنطلق اهواؤه ولا يكون عبدا لشهوة معينة ، بل يكون سيد نفسه ، فالحر من يبتدئ بالسيادة على نفسه ، ومتى ساد نفسه وانضبطت اهواؤه واحاسيسه يكون حراً بلا ريب ”
فمفهوم الحرية في الاسلام ليس كما يفهمها الغرب ولا كما جاءت بمفهوم ماركس والليبراليون ولا كما نادى بها سارتر وهيجل او حتى ادرك ضوابطها سقراط
ولا حتى كما خاضت الامم نضالها المرير ودفعوا ثمنها غاليا من اجل التخلص من ربقة التسلط والعبودية ونيل حريتها ، ولو امعنا النظر في تاريخ الامم والشعوب نجد انها قدمت الكثير في نضالها من اجل الحرية التي تسحر الامم لكنها ما ان حصلت عليها حتى نجدها استبدت في تسلطها واستعباد شعوبها .
الغريب في الامر ان الانسان الفرد نفسه والذي ينادي ويناضل جهارا من اجل الحرية قد لا يفهم المعنى العميق للحرية ، فالحرية ليست كما يتبادر للاذهان وجهها الشكلي السلبي حيث العبث والعشوائية واطلاق الاهواء كيفما اتفق ..
الحرية مسؤولية يجب الاخذ بكامل حقوقها وواجباتها ، فهي تكليف والتزام ، تجاه النفس والاخرين سواء كانت ضمن اطر الآراء والافكار او الالتزام الاخلاقي والانساني والمجتمعي ..
ولا ريب ان الكثير من الشعوب التي تناضل وتستميت من اجل الحصول على حريتها وفق مفاهيم وشعارات المناداة بالحرية والتحرر هي ذاتها وفي ذات الوقت نراها تنجذب نحو الرضوخ او صنع مستعبديها بقصد او دون قصد ، منقادة بغير ارادتها للنظم والاطر المفاهيمية والايديولوجية التي تصنعها بنفسها غالبا حينها تدرك تماما ان اكثر ما تصبو اليه هو الاطار الضيق من فلسفة الحرية والقدر المحدود الذي تتوق اليه هو ان تجد قوت يومها وان تغتنم قدرا من رغد العيش في احسن الاحوال ، وهذه في حقيقة الامر طبيعة انسانية يمكن ان نسميها بالفردانية فالانسان وهو جنين في بطن امه نجد متصلا بالحبل السري الذي يمده بالغذاء الكافي لنموه والاكسجين الذي يستمد من الحياة هذا التوحد مع المحيط الذي يحتويه ( رحم الام ) هو من يشعره بالحياة ، ويبقى كذلك مرتبطا ارتباطا مصيريا بامه بعد ولادته حيث ترعاه ليشتد عوده ….
الولادة الحقيقية للفرد ايّا كان حين ينفصل عن المحيط الذي يغذيه ( ليس القصد الابتعاد او التحرر عن الوالدين ) وان يبدأ بالاعتماد على ذاته لينطلق في تحمل مسؤولية الحرية في الخيار واتخاذ القرار ، وان يدرك القيم الانسانية العليا لوجوده ككائن فرد ضمن المنظومة الاجتماعية ، ان يكون قدر حجم ما تعنيه كلمة الحرية بمفهومها الواسع والعميق ، ان يجد في نفسه قائدا وليس منقادا فكرا وعمق مسؤولية
فليـــــس بالخبــــز وحـــــده يحيـــــا الانســـــــــــــان …..!!!!
Discussion about this post