رأس السنة في أول أيام الربيع نيسان … يومٌ للتاريخ من أجل روزنامة الحضارة في سورية
ناديا يوسف
لم تأت الحضارة من تلقاء ذاتها وإنما كانت نتيجة توالي قبائل و شعوب عاشت من بداية العصر الحجري وربما قبل وحتى وقتنا هذا
الطابع المميز في هذه الحضارات أنها كانت تتواجد في أماكن الماء والكلأ أو أماكن جبلية محصنة تدفع عنها الاعتداء
هذه الشعوب التي تحدت الطبيعة ودجنت كل مافيها ولكن رغم ذلك كان هناك احترام لهذه الطبيعة لاعتقادهم الراسخ بأن هناك قوى خفية وآلهة يستمدون منها وجودهم
كل حضارات العالم قدمت الكثير للبشرية لكل منها طابعها الذي تتميز به عن غيرها وربما تستكمل ما بدأت به الحضارة التي سبقتها.
تعرضت شعوب كثيرة منها للهجمات والغزو إن كان من الطبيعة نفسها أو شعوب أخرى .. بعضها استمر وبعضها الآخر اندثر
ورغم ذلك تركت هذه الشعوب حضارات استمرت آثارها للحضارة التي جاءت بعدها
والتي قد لا تخلو من جهل و غباء البعض ووحشيتهم التي قامت بالقضاء على كل ماكان يسبقهم..
اليوم يصادف الأول من نيسان الذي يعتبر يوم له خصوصية فهو عيد رأس السنة السورية التي يحتفل فيها كبداية لدورة حياتية جديدة وقد تعددت الاّراء واختلفت الدراسات حول هذا الْيَوْم أقدم عيد في التاريخ مازال يتم الاحتفال به فالأكيتو (بالسومرية: أكيتي سنونم) هو عيد رأس السنة لدى الأكاديين، البابليين، الآشوريين والكلدانيين، يبدأ في اليوم الأول من شهر نيسان ويستمر لمدة اثنا عشر يوماً، ويعود الاحتفال بهذا العيد إلى السلالة البابلية الأولى، أي إلى مطلع الألف الثاني قبل الميلاد، ويعتبر أقدم عيد مسجل في تاريخ الشرق الأدنى.
وكان لهذا الْيَوْم عند أبناء هذه الحضارة طقوس خاصة بهم تبدأ بها بممارسة طقوس دينية معينة
“عيد الأكيتو” هو مظهر لعبادة ذات طابع زراعي له عمق روحي عند شعب امتلك العلم والمعرفة ليضع اللبنة الأساسية في بناء الحضارة للحضارة الإنسانية.
لم تكن الأعياد التي يتم الاحتفال بها عن عبث وإنما كل منها كان مرتبط بشيء له علاقة باعتقاداتهم الدينية من حيث القوى التي تسير الكون وقد ارتبط هذا العيد بالدورة الحياتية الجديدة التي تبدأ في الطبيعة الأم حيث ينتهي فصل الشتاء ليبدأ فصل الربيع الذي يأتي معه الخير و قدوم الربيع والخصوبة ومن الملاحظ أن هذا العيد ارتبط بشكل كبير بالإلهة عشتار التي كانت تعني لهم الربة الأم ففي فمها يكمن سرُّ الحياة، ويشيع من ابتسامتها الأمن والطمأنينة في النفوس”. إنها عشتار التي تنجب الحياة ومرتبطة بشكل كبير بنجمتي الصباح والمساء يبدأ الاحتفال في اليوم الأول من شهر نيسان ويستمر لمدة اثني عشر يوماً .. تخصص الأيام الأربعة الأولى منها لممارسة الطقوس الدينية أما الأيام المتبقية فكانت تتضمن بعض المظاهر الاجتماعية والسياسية إضافة إلى مواكب احتفالية كبيرة وإقامة ألعاب رياضية ورقصات وتبلغ ذروة الاحتفالات بين الأول والحادي عشر من الشهر وفي منتصف هذه المدة كانت تقام الأفراح وتعقد طقوس احتفالات عقد زواج جماعي . وحتى الجانب الإنساني كان موجوداً حيث كان يمنع خلال هذه الأيام تأنيب الأطفال ومعاقبة العبيد أو القيام بالأعمال اليومية أو انعقاد المحاكم .
هو ليس كأي يوم حاولوا تمويه حقيقته بجعله يرتبط بالكذب ولكن هو حقيقة عيد رأس السنة السورية التي ترتبط بالحضارات المتعاقبة على هذه الأرض
ولطالما كانت الحضارات في بلاد الشام والرافدين لها مايميزها عن غيرها من الحضارات مع الجدير ذكره أن كل الحضارات قدمت الكثير كالحضارة الفرعونية التي أعطت الإبداع العمراني الذي مازال يذهل العالم إلى الآن
وقد حاول بعض من حكموا هذه الأرض فرض أسمائهم على تقويمنا مثل: يوليوس وأغسطس، لكن بصمتَهم زالت بزوالهم.
يرى البعض أن هذا العيد قد أخذ من السوريين ثلاث مرات: الأولى عند فرض التقويم “اليولياني”، والثانية عند فرض التقويم “القمري”، والثالثة عندما أمر “شارل التاسع” ملك فرنسا قبل أربعمئة وخمسين عاماً باعتماد التقويم “الغريغوري” ونقل رأس السنة من أول نيسان/أبريل إلى أول كانون الثاني/يناير .
من الموت تولد الحياة.. والحياة تنتهي بالموت ضمن دائرة كونية منتهية تعرف بالماندا السورية.
المراجع
وزارة السياحة – كتب التاريخ القديم – الباحثون التاريخيون – الجمعية العلمية التاريخية
Discussion about this post