ظلال غائبة … بقلم الشاعر … عبد العزيز الهمّامي

غَيْمَةٌ تَظْـهَـرُ فِي أَعْلَى هِـضَابِكْ
مَاؤُهَـا يَخْـضَـرُ فِي دُنْيَا شَبَابِكْ

أَشْرَقَـتْ مِئْـذَنَـةُ الفَـجْــرِ وَغَـنَّـى
طَائِرُ الفِـينِـيـقِ مِـنْ شُبَّـاكِ بَابِـكْ

لَيْـتَ لِي أَجْنِحَةُ الرّيحِ لِأَمْضِي
بَـاحِـثًا عَـنْـكَ وَعَنْ سِـرِّ غِـيَابِكْ

لِي خَـيَـالُ البَـحْــرِ فِي ذَاكِـرَتِـي
وَأَنَا المَفْـتُـونُ دَوْمًـا بِـعُـبَـابِـكْ

أيُّهَا الغَـيْــبُ ظَـمِئْـنَـا لِحُـرُوفٍ
عَابِـقَـاتٍ بَـيْـنَ طَــيَّــاتِ كِتَـابِكْ

وَعَزَفْـنَـا لُغَـةَ الشَّـمْـسِ وَجِـئْـنَـا
لِنَرَى الفِرْدَوْسَ مِنْ خَلْفِ ضَبَابِكْ

كَيْفَ أَسْرَجْـنَا القَـوَافِي وَاغْتَسَلْنَا
بِرَمَادِ البَـرْقِ مِـنْ ثُـقْــبِ حِجَابِـكْ

وَاقْـتَـفَـيْـنَا مُـنْـذُ أَنْ كُـنَّــا صِغَـارًا
دَمْعَةَ الأَنْـوَاءِ مِنْ جَـفْـنِ سَحَابِـكْ

لَكَ مِـنْ طِـيـنِ الأَسَـاطِـيـرِ خَـوَاءٌ
وَمَـرَايَـا الكَوْنِ مِـنْ ضَـوْءِ تُـرَابِـكْ

فَـلْـتَـكُـنْ أَجْـمَـــلَ مِــنْ أَحْـلاَمِـنَا
وَامْنَحِ الكَـوْنَ قَـلِـيـلاً مِـنْ شَـرَابِكْ

حَـيْـثُـمَا يَـمَّـمْـتُ نَحْوَ اللَّهِ وَجْـهِـي
قُلْتُ لِلدَّهْـرِ : حَـذَارِي مِـنْ ذِئَـابِـكْ

مُــدَّ لِـي مِــنْ ضِـفّـةِ النَّـهْــرِ يَــدًا
فَـأَنَـا لاَ زِلْــتُ فـي ذُعْــرٍ بِـغَــابِــكْ

صارَتِ الـدُّنْـيَا قُـشُورًا مِـنْ حَكَايَا
وَالمَـدَى يَـبْـتَـلُّ مِنْ لُغْـزِ سَـرَابِكْ

طَافَ بِي العُمْرُ وَلَمْ أَبْلُغْ مَـدَاهُ
وَشَرِبْـتُ التِّيهَ مِنْ كَأْسِ اغْتِرَابِكْ

كُلَّمَا أَوْغَلْتُ فِي صَمْتِ البَرَارِي
لَـمْ أَجِــدْ الاَّ فَـرَاغًـا فِـي جِــرَابِـكْ

أَيُّ حُـبٍّ بَــاعَـــهُ الـوَهْـــمُ لَــنَـا
فَانْكَسَـرْنَا وَافْـتَرَقْـنَا فِي شِعَـابِكْ

وَابْـتَـعَـدْنَا عَــنْ مَـدَارَاتِ الـهَـوَى
وَالرَّبِيعُ الغَضُّ أَمْسَى مِنْ يَـبَابِـكْ

كَيْفَ يَـا دَهْــرُ قَـدَحْـتَ الـنّارَ فِـيـنَا
وَاقْـتَرَفْتَ الذَّنْـبَ مِنْ عُودِ ثِـقَابِكْ

وَكَـأَنَّ الأَرْضَ أَضْـحَـتْ فِي جُنُونٍ
هَلْ تُرَى كَانَتْ بِمَنْأَى عَنْ صَوَابِكْ

وَ تَـجَـلَّــيْـــتَ سُـــؤَالاً مُــبْـهَــمًا
وَغُـمُوضًا سَـرْمَـدِيّا فِي رِحَـابِـكْ

وَيَـقِـيـنِـي لَـمْ يَـكُـنْ ِاِلاَّ احْـتِـمَـالاً
وَجَوَابِي غَـابَ عَـنْ وَحْيِ جَـوَابِـكْ

وَأَنَـا فِـي مِعْـطَـفِ اللَّـيْـلِ شَــرِيـــدٌ
وَبِـعَــيْـنَيَّ فُـصُــولٌ مِــنْ عَـذَابِــكْ

وَيَـدِي فِـي يَـدِ مَـنْ بَـاتُـوا حَـزَانَـى
يَطْلُـبُـونَ الوِدَّ مِـنْ سَـامِي جَـنَـابِـكْ