” تدوينة سياسية ”
لم أكن أبحث عن الخلاص، فقط عن فكرة واحدة أستطيع أن أقولها دون أن أُتّهم، أو أُطرد، أو يُقال عنّي: “سلبي”، “معارض”، “مشاغب”، أو “من كوكب آخر”.
جلست على رصيف الوطن، أعدّ المارّة كما يُعدّ الحالمون النّجوم، أبحث عن فكرة لا تنتمي لحزب، ولا تُفسَّر على هوى زعيم.
أردت فقط أن أكتب تدوينة… نعم، مجرّد تدوينة سياسيّة، كما يفعل الجميع، لكن دون أن أكون بوقًا لأحد، أو ظلًّا لرجل في أعلى الكرسيّ.
بحثت في ذاكرتي عن كلمة لم تُستهلك، عن عبارة لم تُفرَغ من معناها… لكن الكلمات خافت، تراجعت، واختبأت خلف جدار الخوف العام.
ثم فجأة…
لمعت الفكرة!
سأكتب عن نفسي. عن حيرتي. عن صمتي. عن فكرتي الّتي وُلدت ميتة لأنّ أحدهم سبقني وقالها… وأُخمد صوته في الزّاوية.
كتبت:
“أيّها السّادة، لقد تعبت من التّفكير، سئمت من التّصفيق دون لحن، ومن الوقوف احترامًا لمقاعد خالية من الكفاءة، ومن ترديد كلمات كبيرة في أفواه صغيرة…”
ابتسمت لنفسي. ها أنا ذا! خرجت من الصّمت. دوّنت شيئًا شجاعًا… أخيرًا!
لكن، ما إن ضغطت زرّ “نشر”، حتّى ظهرت نافذة تقول:
“عذرًا، هذا المحتوى لا يتماشى مع معايير المجتمع.”
أعدت الصّياغة. خفّفت الحدّة. بدّلت الكلمات. لكن المنع ظلّ كما هو.
وفي تلك اللحظة، رنّ هاتفي برسالة من صديق قديم:
“شفت تدوينتك؟ خطيرة بزاف! واش بغيتي تبقى بلا خدمة؟”
سكتُّ.
أغمضت عيني.
تنهدتُ بعمق.
وفجأة… سمعت صوتًا في الغرفة.
كانت قطّتي تقفز فوق لوحة المفاتيح، تضرب الأزرار بعشوائية.
فتحت عيني، نظرت إلى الشّاشة، وإذا بها تنشر تدوينة من ثلاثة حروف غامضة: “ن ن ن”
وفي لحظة إعجاب هستيريّة، انطلقت التّعليقات:
“عميقة جدًا!”
“كلمات تهزّ الوعي!”
“هنيئًا لك هذا الإدراك السّياسي!”
“أين كنت مخبّأ؟”
نظرت إلى قطّتي، فابتسمت وقالت بعينيها:
“هكذا تُصبح مؤثّرًا!”
ربيعة بوزناد







































Discussion about this post