د.كمال يونس يكتب؟
لابد أن تزيدوا حصيلة هذا الشّهر كي تزيد حوافزكم ،تعلمون أنّه على قدر ماتجمعون كلّما زادت حصيلة كل منكم ، دوت كلمات المدير في ذهنه كصاعقة رعدية ،فهو بين شقي رحي مصاريف المدارس الخاصة لأولاده من جهة ، ومتطلبات البيت والمعيشة من جهة أخرى، وراتبه لايكفيه ، لكن حسم الأمر بينه وبين نفسه ،يعلم أنّ الجميع يعانون ،ولكن اختار أن يعمل بمبدأ أنا وبعدي الطوفان ، تفنّن في التّقدير الجزافي ، واعتبر كلّ الممولين لصوصاّ يحتالون للتّهرب من الضّرائب ، بدا وكأنّه يتلذّذ في الإيقاع بهم وصولاً للحجز على ممتلكاتهم ،وتدور الأيام ليحيا في بحبوحة من العيش بعد أن ارتفعت حصيلته ،وألقى ضميره في غيابات الجبّ ، ليصبح أكثر زملائه حوافز متفوقاً عليهم جميعاّ ، طموحاته تزيد واجتهد حتّى جمع مبلغاً كبيراً لشراء سيارة حديثة ، وبالفعل دفع فيها قسطاً كبيراّ يعادل ثلثي ثمنها ، خرج بها من معرض السّيارات بعد أن أنهى أوراقها ، وتسلّمها ليقودها وهو في قمة الفرح والسّعادة متوجهاً إلى بيته ليصطحب زوجته وطفليه في نزهة ،وكانوا في انتظاره على نار ، وبينما يقودها يتدبر أمره ، يضع خططه ، كيف سيبذل قصارى جهده ليحاصر الممولين ليجمعها قبل موعد القسط الباقي ، وليجمع المبلغ المطلوب لعمل وثيقة تأمين للسّيارة ، لكن لفت نظره بقعة كبيرة مثل بركة بعرض الطريق احتوتها المطبات ، لم يلق لها بالاّ وخاصة أنّ الوقت شتاء والإنارة خافتة ، ولم يدرك أنّها بقايا عدة براميل من الزّيت وقعت من سيارة نقل كبيرة ،لم يكن أمامه إلاّ أن يخوض فيها ليكمل طريقه ،لكن إطارات السّيارت عامت و تمردت عليه ليصطدم بحاجز خرساني وتنقلب السّيارة لتتحطم تماماّ ،وهو بداخلها ، يتم إنقاذه ، هاهو بغرفة العناية المركّزة ، والجبائر على ساقيه ورجليه ،ومثبت للعنق حول رقبته ،محددة إقامته في سريره ، تطارده فواتير نفقات الإقامة بالمستشفى ،والقسط الكبير المتبقى عليه ، لم تك لديه حتّى رفاهية التّفكير فيما حدث له ، مستسلما لغيبوبة طويلة طويلة ممتدة لتلتحم بما سبق عندما ألقى ضميره في الجبّ.
Discussion about this post