أَقْصى الجِراحِ
بقلم/ حنان بن عامر
قَصيدٌ مَعي
ومَعي فِكْرَتي
وعيني تلاقَتْ مع القِمَّةِ
صَعِدْتُ إلى جَبَلٍ من حُروفِ
وفي سَفْحِهِ اخْضَوْضَرَتْ خَيْبَتي
بحُبٍّ يُعَلِّمُني رَفْعَ رَأْسي
ويُكْسِبُني عِزُّهُ عِزَّتي
وماذا لَدَيَّ سِوى الكِبْرِياءِ؟!
وكلُّ أَسى الكَوْنِ في دَمْعَتي
دُموعي على الأَرْضِ كانت رِفاقا
جَفَوْني، فعُدْتُ إلى غُرْبَتي
حَبيبٌ كغابَةِ سَرْوٍ يَلوحُ
ويبتعدُ الآنَ عن خُضْرَتي
وقد قالَها: آسِفٌ يا صَديقَةُ!
جُرْحِيَ أَكْبَرُ من صَبْوَتي
ومُثْقَلَةً بالجِراحِ كَتَبْتُ
سُيولُ يَدي أَيْقَظَتْ دَهْشَتي
لَبِسْتُ القَصيدَ ثِيابًا وسِرْتُ
وقد سَكَنَ اللهُ في جُبَّتي
إلهٌ رَحيمٌ يُسامِحُ دَوما
يُخَفِّفُ إلْهامُهُ حُرْقَتي
يَقولُ: سَمائي ستَحْنو عَلَيْكِ
وغَيْماتُهُ ظَلَّلَتْ غَيْمَتي
وإنِيَ في الأُغْنِياتِ حنينٌ
بشَرْعِ المَواويلِ كالعَبْرَةِ
وأُمُّ اليَتامى وأُخْتُ النَّخيلِ
وبِنْتُ الحَزانى وهم أُسْرَتي
وتَهْطِلُ في الجَدْبِ أُنْثايَ ماءً
وتَشْرَبُ أَرْضِيَ من جَنَّتي
إذا اخْتَنَقَتْ؛ رِئَتَايَ مَلاذٌ لها
كي تُجَنَّدَ للنَّجْدَةِ
و كالياسَمينِ انْهَمَرْتُ بَياضًا
تَضَوَّعَ يَبْكي شَذى لَوْعَتي
وبَحْرٌ بَعيدٌ يُطَوِّقُ جِسْمي
بعِشْقٍ تُتَيِّمُهُ زُرْقَتي
طَريقُ التَّشَظّي اسْتَحالَ صَديقي
تُمَثِّلُ أَحْجارُهُ رِفْقَتي
وأَوْصَلَني بَعْدَ جُهْدٍ طَويلٍ
ووَدَّعَني وارْتَدى حُلَّتي
يُلَوِّحُ لي من بَعيدٍ
يَقولُ:لقد كُنْتِ أَسطعَ من نَجْمَةِ
وعِنْدَ الطُّفولَةِ شِخْتُ
كُسيتُ الحِدادَ
وقد أُعْدِمَتْ دُمْيَتي
تَخَيَّلْتُ رَبّي لَهيبا وخَوْفا
سَماواتهُ فِضنَ بالقَسْوَةِ
وحينَ يَصيرُ التَّدَيُّنُ عَفْوا
يُحَلِّلُ ديني هَوى رَغْبَتي
وتِلْكَ العَوائِدُ تَجْرَحُ جِسْمي
وتِلْكَ التَّقاليدُ كالنَّكْبَةِ
ثِيابي وقُرْطي وكُحْلي سُجوني
وحَبْسِيَ قد صيغَ من زينَتي
جُناتي رُعاةٌ…قَوافِلَ بَدْوٍ
وجُرْحي تَلَوَّنَ بالسُّمْرَةِ
وواعَدْتُ في الجَنَّةِ الأُمَّهاتِ
فغابَ أَساهُنَّ بالفَرْحَةِ
مَعي قد حَضَنَّ اليَتامى بعَطْفٍ
فرَقَّ القُساةُ من الطِّيبَةِ
على المُتْعَبينَ انْهَمَرْنَ دُعاءً
وخُبْزا تَمازَجَ بالرَّحْمَةِ
يُحَمَّلُ ظَهْري أَسى البائِساتِ
بِهِ أَحْرُفي…مَوْطِني…قَرْيَتي
بُكائي غِناءٌ ودَمْعي طُيورٌ
وصُبْحي تَنَفَّسَ من قَهْوَتي
أَبي كان جُرْحًا وأُمّي بِلادًا
مَعًا أَنْجَبانِيَ للوِحْدَةِ
وأَبْدَأُ بالحُبِّ فالحُبُّ حَرْفٌ
أَشُدُّ الرِّحالَ إلى عُزْلَتي
وحينَ تَكونُ البِدايَةُ شِعْرا
فلن تَنْتَهي أَبَدا رِحْلَتي
وقد أَسْكَتَتْنِيَ حَرْبُ الجِوارِ
فدَوّى الصَّدى الصَّمْتَ من رِفٰعَتي
ونادَتْ بِلادي
فَتاتي اكْتُبيني
ونادَتْ فِلَسْطِينُ
لا تَصْمُتي
فأَقْصى جِراحي حِكايَةُ حَرْبٍ
بشَرْقٍ تَشَظّى من النِّقْمَةِ
وقَلْبي كَبيرٌ يَضُمُّ صِغارًا
دُروسًا من العِزِّ والنَّخْوَةِ
رَصاصٌ يُخَرِّبُ جِسْمَ فَتاةٍ
تَبَدَّدْتُ مَوْتا مع الطِّفْلَةِ
ففي آخِرِ القَصْفِ كانت مَلاكًا
تَمَنَّيْتُهُ يَرْتَدي طَلَّتي
ويَثْقُبُ صَوْتي الرَّصاصُ انْتِقاما
فصارَ كنايٍ حَوى بَحَّتي
كَرامَةُ طِفْلٍ تُقَوّي انْتِمائي
ومن قَوْلِهِ رُفِعَتْ جَبْهَتي
صَغيرٌ فَصيحٌ بَدا كالرِّجالِ
وقد أَشْعَلَ النّارَ في ثَوْرَتي
دَمُ الأَبْرِياءِ تَماثَلَ حِبْري
فضَجَّ القَصيدُ من الحُمْرَةِ
وغَزَّةُ جَمْرٌ على الاحْتِلالِ
بثُوّارِها عَنْوَنَتْ قِصَّتي
وغَزَّةُ حُلْمٌ كَبيرٌ مُحالٌ
مع الّلهِ قد فَجّرَتْ صَرْخَتي
وأَنْزِفُ من نَدْبَةٍ وقَصيدٍ
إباءً تَدَفَّقَ من غَزَّةِ.
بقلم حنان بن عامر
Discussion about this post