الغوص في بحر الأقنعة
قطرالندى السعد
كلّنا يعلم أنّ الإنسان له وجه واحد،ترتسم فيه الملامح..
لكن ما أقصده اليوم في مقالي هو الّذي يلعب على الحبال ..
له عدّة وجوه ..لاتعرف منها ..ولا تحدّد وجها بالّذات ..ويفسّره المثل الشّعبي الّذي قال” يغطّك بالبحر ويطلّعك ناشف”..
يراوغ كالثّعلب ..ولا رباط على كلامه ..
كلمات وتعابير نسمعها في كلّ مكان وزمان في هذه الحياة..وهي تطلق على بعض النّاس من البشر الّذين لايمكن أن نثق بهم قيد أنملة…
يغيّرون مواقفهم ..وآراءهم بين ليلة وضحاها كما يغيّرون ثيابهم..
والإنسان كيفما كان معتقده فهو معرّض لشتّى أنواع الابتلاءات..فلماذا لا نراجع أنفسنا ..ونصبح واضحين ..ونعيش بوجه واحد..صادق يراه الآخرين من كلّ وقت ومكان ..
لماذا لاننتزع تلك الاقنعة لنحيا بوجهنا الحقيقي بلا تزييف..
فمصائب الدّنيا ورزاياها عديدة على مدار حياتنا ونحن نعيش على ارض عدّت خصيصآ لنكون في اختبار ..الّذي يفرض علينا التّعرّض للمحن وتكالب الخطوب ..لهذا قد يغلبنا الاحساس بالانتكاس والإحباط في المواقف المنغّصة والمفجعة ويذهب عنّا الفرح والسّرور..
حياتنا ..رحلة فلتكن جميلة خالية من الشّوائب ..وما نحن إلّا ضيوف عليها فلنحسن الضّيافة لبعضنا ولنبتعد عن الأقنعة المشوّهة كالحقد..والكره …
والحسد..والنّفاق …وما إلى ذلك..
أرواحنا ماعادت تحتمل الزّيف والخداع ..فكثيرون من نجدهم معنا في مقدّمة الصّفوف في السّرّاء لكنّهم في الضّراء يتراجعون
وكثيرون من يبادلوننا الحبّ علنًا لكنّهم كالخناجر في الخفاء ..
وكم من مدّعٍ بالمحبة ..لايلبث أن يفرّ منّا حين تصيبنا نوائب الدّهر فينقلب على عقبيه…
وبعد سقوط الأقنعة يدرك المرء أتمّ الإدراك أنّهم كانوا يمارسون التّدنيس والكذب والنّفاق ..فلا توجد مواقف كمواقف المحن والشّدائد ..رياح عاتية تسقط فيها كلّ الأوراق اليابسة ..تكشف المعادن وتظهر الحقيقة المأساويّة الّتي طالما خدعنا بها ..فأنخداعنا لم يكن لسذاجتنا بقدر ماهو من حسن ظنّنا بالبشر ومحاولة ملامستنا للجانب المضيء من طباع البشر …فبفضلها ما كنّا نكتشف عن الغوص في بحور الأقنعة رحمة من الله في عدم بقائنا بهذه السّذاجة العمياء …..
شكرا لتلك المواقف….
شكرا للأقنعة
Discussion about this post