النص النثري التجريدي

الكاتب والناقد أيمن دراوشة يكتب :

نحو ثورة في فن الكتابة الأدبية
في عالم الكتابة الأدبية، غالبًا ما تُثقل النصوص بالصور الفنية المتشعبة من تشبيهات واستعارات ووصف قد يُفقد النص تركيزه ويغرق القارئ في زحام غير ضروري من التفاصيل. من هنا، يولد النص النثري التجريدي كإجابة لاحتياجات العصر، حيث البساطة والوضوح هما الركيزتان الأساسيتان لهذا النوع الأدبي الجديد.
ما هو النص النثري التجريدي؟
هو نص يركز على الفكرة الجوهرية دون اللجوء إلى الزينة البلاغية التقليدية. لا يهدف إلى إبهار القارئ بمجازات معقدة، بل يسعى إلى إيصاله إلى المعنى مباشرةً. يُظهر قوة الكلمة في حالتها النقية، بعيدًا عن الحُلى البلاغية، ليخلق تأثيرًا عميقًا من خلال البساطة المتقنة.
مبادئ النص النثري التجريدي:
البُعد عن الصور الفنية المكررة:
النص التجريدي يتخلى عن التشبيهات والاستعارات التي قد تشتت الذهن. فالنص ليس لوحة تحتاج إلى ألوان إضافية، بل مساحة بيضاء تحمل الفكرة بوضوح.
التركيز على الجوهر:
الكلمات تُختار بعناية لتعبر عن المعنى بدقة، دون زخرفة أو تعقيد. الهدف هو الإيجاز دون إخلال، والوضوح دون ابتذال.
الابتعاد عن الوصف الممل:
النصوص التقليدية قد تُطيل في وصف الطبيعة، المظاهر، أو الأحاسيس. النص النثري التجريدي يتجاوز ذلك ليقدم الفكرة مباشرة، كما لو كان يوجه رسالة عاجلة للقارئ.
إيقاع لغوي متناغم:
رغم بساطته، يحافظ النص التجريدي على إيقاع لغوي خفيف يُسهِّل القراءة ويخلق شعورًا بالتوازن.
أهداف النص النثري التجريدي:
تحفيز الفكر: بترك مساحة للقارئ للتأمل دون توجيه مباشر.
إعلاء شأن الفكرة: التركيز على قوة المعنى بدلاً من جمال الشكل.
مواكبة العصر: تقديم نصوص تناسب السرعة والاختزال اللذين يميزان عصرنا.
نموذج للنص النثري التجريدي:
أغلقتُ الباب. خلفه، يتردد صدى الماضي. أمامه، احتمالات مفتوحة. قدمي ثابتة على العتبة. القرار ليس خطوة، بل بداية حياة.
هذا النص يتجنب الوصف المفرط أو المجاز، لكنه يترك أثرًا عميقًا في ذهن القارئ من خلال اختصار الفكرة وإبراز قوتها.
دعوة للكتّاب:
أدعو كل كاتب للتجريب مع النص النثري التجريدي، للتخلي عن البلاغة التقليدية لصالح بساطة أصيلة. معًا، يمكننا بناء مستقبل أدبي يعكس احتياجات القارئ العصري.
ملاحظة هذا لا ينطبق على الشعر، ولا بأي شكل من الأشكال، لكنه ينطبق تمامًا على الشعر الياباني الذي يلغي البلاغة والخيال، وينقل المشهد كما هو دون زخارف …