بقلم / منير راجي
مهما تعدّدت الآراء ومهما اختلفَت حول دور و أهمية النخبة الأدبية ( من شعراء و روائيين وقصاصين ومسرحيين ) ، يبقى الإبداع الأدبي والفني سلاحاً في يد الانسان المقهور ، كما يبقى سلاحاً في تنوير الفكر سياسيا واجتماعيا واقتصادياً.
قد لا ننتظر من الأدب أن يعطينا حلولا لمشاكلنا، و لكن يبرز لنا نقاط قوتنا ونقاط ضعفنا، ويضع أصبعه على الجرح، كما يتنبأ لِما يمكن أن يقع للأمم والشعوب على المدى المتوسط والبعيد، مما يجعله نواة ضرورية في الخلايا المكونة للنسيج الحضاري لأية أمة، و يكون الابداع الأدبي أيضا الوقود الأول لتفجير الثورات، حتى وإن كان الأديب لا يشارك فيها ميدانيا وانما يعتبر فتيلها، كما يعتبر الأديب المهندس الأول في صناعة السلم ونشر الحب والتسامح ، والأهم من كل ذلك هو مدى أهمية دوره في ترقية الذوق الجمالي لدى السواد الأعظم من الشعب ..
من خلال هذا كله يمكننا أن نتساءل: هل فعلا حقق أدبنا العربي هذه الأمورالتي أشرت لها؟.
طبعا لا ، قد نجد ملايين العناوين من شتى الألوان الأدبية و الفنية، لكن لا نجد أديباً أو مبدعاً حقق ما يصبو اليه الأدب ..
هنا يكمن الخطر، و الخطورة هنا تتضح جلية في عجز الأديب عن فهم الشعب ومعرفة آفاقه وطموحاته، ومن خلاله جهله لقواعد تحضر الأمم وعدم وعيه للآفاق المستقبلية (التنبؤ ) التي ستواجه مجتمعه و بلده، فأصبح الأديب، للأسف، حبيس مواضيع مناسباتية سرعان ما تزول و أحيانا تكراره لما أنجزه غيره نظرا لعدم اطلاعه الواسع و جهله للعديد من اللغات ( التي أصبحت أكثر من ضرورية ) ، مما جعل أديبنا محدودا فكريا و بالتالي لا يمكن له أن يقدم بديلا …
أشير الى ظاهرة أخرى زادت من تفريغ الأدب من محتواه و قيمته، وهي ظاهرة المسابقات الأدبية التي غزت جل المؤسسات الثقافية العربية والتي أراها أنا شخصيا إهانة للابداع الأدبي.
أضف الى ذلك نوعية اللغة التي أصبح يكتب بها جل أدبائنا والتي جعلت هوة كبيرة بين المبدع والمتلقي، ففخامة اللغة انتهى وقتها ولم تعد صالحة الآن، هذا ما لا يريد أن يفهمه بعض الأدباء للأسف، معتقدين أن ذلك اساءة للغة، لكن في الحقيقة هي تطوير لها ودليل على مدى فهم الأديب للمتلقي، فأين هو نصيب الفلاح والنجار والطبيب والمهندس من هذا الابداع؟
لكل عصر أدواته ووسائله وتقنياته ولغته ..هكذا ظل أديبنا (النخبوي) سجين نظرية بافلوف ، ينتظر المناسبات والمسابقات والصالونات والأحداث ليفرغ شطحات شعرية أو روائية أو قصصية لا تتعدى فوهة الأذن …
بقلم / منير راجي / وهران / الجزائر
Discussion about this post