الشاعر علي حشيمة يكتب:من بيت الذاكرة

إنّها تأتي على الوقت كنسبةٍ مئويّة
من الصفر الى المئة
فلا يبقى منه شيئاً
وجهتها لا يمكن حصرها ببارودة دكّ
قديمة الطّراز ذات فرفشة لطيفة
بخردقٍ ناعمٍ من بيت النّار مباشرة
وتقتصر إضافةً إلى ذلك
على بعض الفخاخ القديمة
لصيد الأرانب والثعالب
وبعض عيدان دبق العسل
لصيد الشّحارير والسّمانى
و
كلّ فأرةٍ تزمق ُ في الصّالون
كلّ شحرورة تفرّ من الشجرة
كلّ حشرة تزحف
كلّ ذبابة تأرّ
كلّ بنت آوى تعوي في البريّة
كلّ امرأةٍ تُفضّل السكن في المدينة
قد خرجت من المساحة الضيّقة
إلى الحريّة
بنسبةٍ مئويّة.
وتقول القاعدة في منفاي الطبيعيّ
لا شيء يؤكّد لنا تلك الواقعة الحزينة
بين الغابة من جهة
والبندقيّة المشلوحة
على الطريق الترابيّ
بجانب وكر الدبابير
من جهةٍ أخرى.
بالطّبع لا يمكن الإستكانة إلى بندقيّةٍ قديمةٍ
لملء الفراغ ثانيةً
وهو من بين الأمور العبثيّة التي حدثت
في السنوات الأخيرة من النسبة المئويّة
ال ٩٩،٩٩٪
وتقول القاعدة الدّائريّة
لكلبي السّلوقيّ
في الحركة بركة
وهذه الخربشة في الدّغل
لم تكن خدعة
قطّ الجيران.
بالمناسبة — والشيء بالشيء يُذكر— يدور
رأسي حول النقطة ذاتها في رأس الكلب
والتي حدثت في هذه الحرب
وهكذا تفعل نحلة جارنا المخابرات
تدور حول رأسي
وتقيس الطريق
من الحقل إلى بيت النّحل
وتخطّ الدوائر نفسها
في الفراغ الحاصل
ومثلما كان يفعل الاستعمار الفرنسي
لم يدع ولا مغارةٍ واحدة
أو قريةٍ نائيةٍ بثلاث بيوت طينيّةٍ
أو طريقْ ترابيّ بطول خمسين متر
يمكن أن تنشب عليه معركة أهليّة
ببواريد الدّكّ والعصي والسّواطير
أو يترنّح عليه حمار فلاّح
أو بغل مُهرّب تبغ وتنباك
أو يلطى عليه قاطع طريق ممكن
مثل أبو زنيبة الشّهير آنذاك
أو ثائرٍ ممكن
مثل عزّ الّدين القسّام الشّهير
بعد حينٍ من آنذاك
إلاّ وأثبته على الخريطة
ووضعه ضمن دائرة.
مع الاستعمار الفرنسي أصبح كل شيء
مُحدَداً بدقّةٍ في الذّاكرة
مع الاستعمار الفرنسي
أصبح كلّ شيء مفهوم بحقّ
في الفراغ
على الخريطة
على غير ما كان عليه
منذ فجر التاريخ
الى حينهًِ
ممّا يجعلني أشرب كثيراً
ممّا يجعلني أسكر كثيراً
وأنتظر بفارغ الصبر
نهاية هذه الحرب.
لقد انتهيت للتوّ
من كأس النبيذ الفرنسي
وألحقته بكأس عرق بلدي
وخرجتُ من حقل الباذنجان
لأرى مايحدث خارج الحقل
من منظار مزارع سوري
فعدت حزيناً تفوح مني
رائحة غبار الباذنجان
وتلك الأشنات العالقة
في الممرّات الخلفيّة
لبيت الذّاكرة
المشروخ هذا.
يمكن إدراكي بذهن مفتوح
على البركة
يمكن الغفران لي
يمكن تعزيتي بكلمتيّ؛
O. Mi sy Ali
أو البقيّة بحياتك علي حميشة
أو بذات النظرة الحنونة
التي تزوّجتُ وانفصلتُ بها
والتي معها
لا تضيق حدقة العين
بل تتسع بدهشة دائمة
إنّها ذات الحركة
الحركة الأخطر
للحياة الزوجيّة
لي
أنا بيت الذاكرة هذا.
بقلم الشاعر
علي حميشة … سوريا