ماذا تعرف عن الشاعر:
تأبط شراً؟! ولماذا سمي بهذا الاسم؟!!
د. عبد العزيز يوسف آغا.
//////////////////////////////////////////////
هو الشاعر الصُّعلوك ثابتُ بنُ جابر الفَهْمي المُلقَّب بِتأبَّطَ شرًّا، من أهل تهامة والحجاز، نشأ يتيما، مُعانيا من مرارة الفقر، تزوجت أُمُّه من أبي كبيرٍ الهُذَليِّ بعد موت أبيه، فحاول قتله بإيعاز من أمه، ولكنَّه فشل. أما سببُ تسميته فتعود إلى روايات عديدة، منها أنَّه قتلَ غولاً ووضعه تحت إِبْطِهِ ومشى به إلى قبيلته، فقيل: تأبَّط شرًّا، ومن الرّوايات أنّ أمَّه طلبت أن يأتيها بشيءٍ فأحضر أفاعيَ بعد اصطيادها ووضعها في جِراب مُتأبِّطًا إيّاه.
وقال:
فَأَصْبَحْتُ والغولُ لي جارَةٌ
فيا جارَتا أنتِ ما أَهَوْلا
فمَنْ سأل أين ثَوَت جارتي
فإنّ لها باللِّوَى مَنزِلا
وكنتُ إذا ما هممتُ اعتزمتُ
وأحرِ إذا قلتُ أن أفعلا
كما قيل إنه كان كُلَّما خرج إلى غزو وضع سيفه تحت إبْطِه، وله حكايات كثيرةٌ تَروي شجاعتَه.
ويعد واحدا من الشّعراء الذين فقدوا استقرارهم في مجتمع جاهلي تميَّزَ بغياب العدالة الاجتماعيّة، سلّطَ هجومه على تركيبة القبيلةِ مُتمرّدا عليها كحال الصعاليك الذين عُرِفوا في العصرِ الجاهلي.
عاش تأبط شراً في القفار ومجاهل الأرض يعانقه الفقر والتشرد والتمرد، مؤمنا بأن الحق لا يؤخذ إلاّ بالقوة، ولا سبيل إلى المحافظة على استمرارِه وفرض وجوده إلاّ بالسلب، وهو الذي كَسّر قانون القبيلة والمجتمع الجاهلي بثورته ضد عُرْفها.
وإلى جانب السَّفْكِ والتَّصَعْلُك، امتهن تأبَّطَ شرًّا الشعر، وانفصل عن دائرة التّقليد في القصيدة، فَثورتُهُ مع صعاليك عصرِه لم تقتَصِرْ على مجتمع القبيلة الذي لم ينصفهم، بل تجاوز ذلك ليصل إلى القصيدة التي كانت تنتهج نهجا لا يحيدُ عنه الشّعراء، فجاءَت قصيدته في صراع مع الواقع الجاهليِّ تشكل عوالم من التشرد وإثبات الذات والأمل واليأس والجوع والكرامة، لتفجرَ ثورة من الشعر.
لقد تَمرّد على الحياةِ التي قسَتْ عليه فشكاها ببناء شعري كسّر فيه المألوف، مُبتعدا عن المنهج الطلَلِيّ ومدح الأمراء وزعماء القبائل. وباح شعره بمشاعر عميقة خَلَقَتْ جوًّا يتناقض مع شخصيّتِهِ. فيذكر في قصيدته المُفَضَليّةِ صفات الصاحب الحقيقي الّذي يبتغيه والذي يجمع الحكمةَ والرئاسةَ والخِبْرةَ في شخصيّة واحدة.
ومما يروى عن تأبط شراً أنه: قابله ثقفي أحمق، فقال له: بم تغلب الرجال يا ثابت وأنت ذميم وضئيل؟ فقال: أذكر لعدوي أنني تأبط شراً فينخلع قلبه، فآخذ منه ما أريد، قال: أبهذا فقط؟ قال له: فقط.
فقال له: هل تبيعني اسمك؟ قال: بم؟ قال: بهذه الحُلة الجيدة -وكانت لديه حلة جديدة- وبكنيتي -وكان يكنى بأبي وهب فقال له: موافق، فقال الثقفي: لك حلتي ولك كنيتي، فقال له: وأنت تأبط شراً، فذهب الرجل مسروراً، فكتب تأبط شراً ثلاثة أبيات وبعثها لامرأة الثقفي الأحمق؛ قال فيها:
ألا هل أتى الحسناء أن حليلها **
تأبط شراً واكتنيت أبا وهب.
فهبه تسم اسمي وسماني اسمـه ** فأين له صبري على معظم الخطب.
وأين له بأس كبأسي وسورتي ***
وأين له في كل فادحة قلبـــي
أخذ اسمي لكن هل أخذ جراءة قلبي؟ هل أخذ بأسي وصبري وجلدي على الأحداث؟ لم يأخذ هذا كله، إنما أخذ الاسم فقط.
ويقال أن تأبط شراً قد قتل بضربة سهم وآخرون يقولون بلدغة أفعى.
ويبقى اسم تأبط شراً لامعاً بين شعراء الصعاليك .
اللهم اجعلنا نتأبط خيراً لا شراً.
المصادر: تاريخ الشعر العربي +عدة مراجع.
على طريق النور نسير،،،،
وعلى المحبة نلتقي،،،،
Discussion about this post